حَتَّى حَصَلَ لَهُ تَلْوِيثٌ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ (مِنْ الدُّهْنِ) الْجَارُ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِغَسْلِهِ.
وَالدُّهْنُ كُلُّ مَا لَهُ دُهْنِيَّةٌ مِنْ الْوَدَكِ وَالسَّمْنِ وَالزَّيْتِ وَنَحْوِهَا (وَ) مِنْ (الْأَلْبَانِ) جَمْعُ لَبَنٍ لِأَنَّ لِأَثَرِهِ دَسَمًا وَزُهُومَةً وَقَدْ قَدَّمْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ غَمَرٌ وَلَمْ يَغْسِلْهُ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ» إسْنَادٌ حَسَنٌ. رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمْ.
قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْغَمَرُ بِالتَّحْرِيكِ الدَّسَمُ وَالزُّهُومَةُ مِنْ اللَّحْمِ كَالْوَضَرِ مِنْ السَّمْنِ، وَالْوَضَرُ الْأَثَرُ مِنْ غَيْرِ الطِّيبِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ «جَعَلَ يَأْكُلُ وَيَتَتَبَّعُ بِاللُّقْمَةِ وَضَرَ الصَّحْفَةِ» أَيْ دَسَمَهَا وَأَثَرَ الطَّعَامِ فِيهَا.
وَفِي حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ «فَسَكَبَتْ لَهُ فِي صَحْفَةٍ إنِّي لَأَرَى فِيهَا وَضَرَ الْعَجِينِ» .
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرِبَ لَبَنًا فَمَضْمَضَ، وَقَالَ: إنَّ لَهُ دَسَمًا» . وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَفْظُهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَبَ شَاةً وَشَرِبَ مِنْ لَبَنِهَا وَدَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ فَاهُ وَقَالَ: إنَّ لَهُ دَسَمًا»
وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الضَّحَّاكِ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَرِبَ لَبَنًا فَلَمْ يَتَمَضْمَضْ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» فَضَعِيفٌ، وَعَلَى فَرْضِ ثُبُوتِهِ فَيَكُونُ تَرْكُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَنَحْنُ إنَّمَا نَقُولُ بِالْكَرَاهَةِ حَيْثُ تَرَكَ غَسْلَ أَثَرِ الدُّهْنِ وَاللَّبَنِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَهُ دُسُومَةٌ عِنْدَ إرَادَةِ النَّوْمِ (لِلْفَمِ) مُتَعَلِّقٌ بِغَسْلِهِ (وَالْيَدِ) مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ «إنَّ الشَّيْطَانَ حَسَّاسٌ لَحَّاسٌ فَاحْذَرُوهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي آدَابِ الْأَكْلِ وَهَذَا إنَّمَا ذُكِرَ هُنَا لِأَنَّهُ مِنْ آدَابِ النَّوْمِ أَيْضًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ النَّوْمِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ
وَنَوْمُك بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ أَوْ عَلَى ... قَفَاك وَرَفْعُ الرِّجْلِ فَوْقَ أُخْتِهَا اُمْدُدْ
(وَ) يُكْرَهُ (نَوْمُك) أَيُّهَا الْمُكَلَّفُ (بَعْدَ) صَلَاةِ (الْفَجْرِ) لِأَنَّهَا سَاعَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.patreon.com/shamela4