مَطْلَبٌ: فِي إتْلَافِ آلَةِ التَّنْجِيمِ وَالسِّحْرِ:
وَآلَةِ تَنْجِيمٍ وَسِحْرٍ وَنَحْوِهِ ... وَكُتُبٍ حَوَتْ هَذَا وَأَشْبَاهَهُ اُقْدُدْ
(وَ) لَا غُرْمَ أَيْضًا فِي إتْلَافِ (آلَةِ تَنْجِيمٍ) لِأَنَّهُ عِلْمٌ بَاطِلٌ وَحَدْسٌ عَاطِلٌ مَبْنَاهُ عَلَى الْحَدْسِ وَالتَّخْمِينِ لَا عَلَى الْعِلْمِ وَالْيَقِينِ لَمْ تَرِدْ بِهِ الشَّرِيعَةُ الْغَرَّاءُ، وَإِنَّمَا يَلْهَجُ بِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ وَلَا نَصِيبَ مِنْ الدِّينِ بَحْرًا وَبَرًّا. وَقَدْ أَنْكَرَ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ وَنَصُّوا عَلَى بُطْلَانِهِ وَحُرْمَتِهِ، فَهُوَ مِنْ أَشَدِّ الْحَرَامِ. وَقَدْ أَبْطَلَهُ بِالنَّقْضِ وَالْبُرْهَانِ عَيْنُ الْأَعْيَانِ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ فِي (مِفْتَاحِ دَارِ السَّعَادَةِ) فَأَتَى فِيهِ بِمَا يَكْفِي وَيَشْفِي وَزِيَادَةٍ، وَأَنْشَدَ قَصِيدَةَ أَبِي تَمَّامٍ فِي أَمْرِ عَمُورِيَّةَ وَالْمُعْتَصِمُ.
وَمِنْهَا:
أَيْنَ الرِّوَايَةُ أَمْ أَيْنَ النُّجُومُ وَمَا ... صَاغُوهُ مِنْ زُخْرُفٍ مِنْهَا وَمِنْ كَذِبِ
تَخَرُّصًا وَأَحَادِيثًا مُلَفَّقَةً ... لَيْسَتْ بِنَبْعٍ إذَا عُدَّتْ وَلَا غَرَبِ
وَأَنْشَدَ قَصِيدَةَ الْفَاضِلِ الْعَلَّامَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَحْمُودٍ الْحُسَيْنِيِّ لَمَّا قَضَى مُنَجِّمُو زَمَانِهِ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ لَمَّا نَزَلَ الْإِفْرَنْجُ عَلَى دِمْيَاطَ عَلَى أَنَّهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يَغْلِبُوا عَلَى الْبِلَادِ فَيَتَمَلَّكُوا مَا بِأَرْضِ مِصْرَ مِنْ رِقَابِ الْعِبَادِ وَأَنَّهُمْ لَا تَدُورُ عَلَيْهِمْ الدَّائِرَةُ إلَّا إذَا قَامَ قَائِمُ الزَّمَانِ، وَظَهَرَ بِرَايَاتِهِ الْخَافِقَةِ ذَلِكَ الْأَوَانُ، فَكَذَّبَ اللَّهُ ظُنُونَهُمْ وَأَتَى مِنْ لُطْفِهِ الْخَفِيِّ مَا لَمْ يَكُنْ فِي حِسَابٍ، وَرَدَّ الْفِرِنْجَ، بَعْدَ الْقَتْلِ الذَّرِيعِ فِيهِمْ، وَالْأَسْرِ عَلَى الْأَعْقَابِ. وَكَانَ الْمُنَجِّمُونَ قَدْ أَجْمَعُوا فِي أَمْرِ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ عَلَى نَحْوِ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ مَنْ قَبْلَهُمْ فِي شَأْنِ عَمُورِيَّةَ مَعَ الْمُعْتَصَمِ ذِي السَّطْوَةِ الْبَارِعَةِ. فَمِمَّا أُنْشِدَ:
لَا يَنْبَغِي لَك فِي مَكْرُوهِ حَادِثَةٍ ... أَنْ تَبْتَغِي لَك فِي غَيْرِ الرِّضَا طَلَبَا
لِلَّهِ فِي الْخَلْقِ تَدْبِيرٌ يَفُوقُ مَدَى ... أَسْرَارِ حِكْمَتِهِ أَحْكَامَ مَنْ حَسِبَا
أَبْغِي النَّجَاةَ إذَا مَا ذُو النَّجَامَةِ فِي ... زُورٍ مِنْ الْقَوْلِ يَقْضِي كُلَّ مَا قَرُبَا
إلَى أَنْ قَالَ:
لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إلَّا اللَّهُ خَالِقُنَا ... لَا غَيْرُهُ عَالِمٌ عَجَمًا وَلَا عَرَبَا
لَا شَيْءَ أَجْهَلُ مِمَّنْ يَدَّعِي ثِقَةً ... بِحَدْسِهِ وَيَرَى فِيمَا يَرَى رِيَبَا
قَدْ يَجْهَلُ الْمَرْءُ مَا فِي بَيْتِهِ نَظَرًا ... فَكَيْفَ عَنْهُ بِمَا فِي غَيْبِهِ احْتَجَبَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute