فَلَا يَقِفُ عَلَى الْبَابِ، وَيُلَازِمُهُ لِلْآيَةِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا «إذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ» وَتَقَدَّمَ.
وَالْمُرَادُ إنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُمْ سَمِعُوا صَوْتَهُ (وَإِنْ) حَرْفُ شَرْطٍ جَازِمٍ وَ (يُخْفَ) فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ فِعْلُ الشَّرْطِ مَجْزُومٌ بِحَذْفِ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَلٌّ بِهَا وَنَائِبُ الْفَاعِلِ مُسْتَتِرٌ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْتَأْذِنِ يَعْنِي وَإِنْ يُخْفَ صَوْتُهُ (يَزْدَدْ) جَوَابُ الشَّرْطِ وَحُرِّكَ بِالْكَسْرِ لِلْقَافِيَةِ.
وَالْمَعْنَى أَنَّهُ مَتَى عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا صَوْتَ اسْتِئْذَانِهِ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ مَرَّاتٍ حَتَّى يَعْلَمَ أَوْ يَظُنَّ أَنَّهُمْ سَمِعُوهُ.
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَقِيلَ لَا يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثِ مُطْلَقًا، قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ، وَأَرَادَ بِهِ الْإِمَامَ الْعَلَّامَةَ الْمُحَقِّقَ ابْنَ الْقَيِّمِ حَيْثُ قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثِ إلَّا إنْ ظَنَّ عَدَمَ سَمَاعِهِمْ.
قَالَ م ص فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ: فَيَزِيدُ بِقَدْرِ مَا يَظُنُّ أَنَّهُمْ سَمِعُوهُ.
مَطْلَبٌ: فِي اسْتِحْبَابِ تَحْرِيكِ الْمُسْتَأْذِنِ نَعْلَيْهِ وَإِظْهَارِ حِسِّهِ
(وَ) يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْتَأْذِنِ (تَحْرِيكُ نَعْلَيْهِ) تَثْنِيَةُ نَعْلٍ وَهِيَ مُؤَنَّثَةً الَّتِي تُلْبَسُ فِي الْمَشْيِ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَتُسَمَّى الْآنَ تَاسُومَةَ، وَفِي الْخَبَرِ «أَنَّ رَجُلًا شَكَا إلَيْهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: يَا خَيْرَ مَنْ يَمْشِي بِنَعْلٍ فَرْدٍ» ، وَصَفَهَا بِالْفَرْدِ، وَهُوَ مُذَكَّرٌ؛ لِأَنَّ تَأْنِيثَهَا غَيْرُ حَقِيقِيٍّ.
وَالْفَرْدُ هِيَ الَّتِي لَمْ تُخْصَفْ وَلَمْ تُطَارَقْ وَإِنَّمَا هِيَ طَاقٌ وَاحِدٌ.
وَالْعَرَبُ تَمْدَحُ بِرِقَّةِ النِّعَالِ وَتَجْعَلُهَا مِنْ لِبَاسِ الْمُلُوكِ يُقَالُ نَعَلْت وَانْتَعَلْت إذَا لَبِسْت النَّعْلَ وَانْتَعَلَتْ الْخَيْلُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ خَيْلَهَا» .
(وَ) يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْتَأْذِنِ أَيْضًا (إظْهَارُ حِسِّهِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْحَرَكَةِ وَأَنْ يَمُرَّ بِك قَرِيبًا فَتَسْمَعَهُ، وَلَا تَرَاهُ كَالْحِسِّ وَالصَّوْتِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ.
وَالْمُرَادُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - إتْيَانُ شَيْءٍ مِنْ تَحْرِيكِ نَعْلٍ أَوْ نَحْنَحَةٍ أَوْ صَوْت كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَذَلِكَ لِئَلَّا يَرَى أَمْرًا يَكْرَهُهُ الدَّاخِلُ أَوْ أَهْلُ الْمَنْزِلِ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا أَفْضَى إلَى الشَّحْنَاءِ بَيْنَ الْأَهْلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرَى مِنْ عَوْرَاتِهِمْ مَا لَا يُحِبُّ، فَإِذَا حَرَّكَ نَعْلَهُ أَوْ تَنَحْنَحَ أَوْ أَظْهَرَ حِسَّهُ انْتَفَى ذَلِكَ.
وَقَالَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ إذَا