وَ) مِثْلُ الْبَابِ وَقْفَتُهُ تِلْقَاءَ (كَوَّةٌ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَتُضَمُّ: الْخَرْقُ وَالثَّقْبُ فِي الْحَائِطِ، وَيُقَالُ كَوٌّ مِنْ غَيْرِ تَأْنِيثٍ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: التَّذْكِيرُ لِلْكَبِيرِ، وَالتَّأْنِيثُ لِلصَّغِيرِ جَمْعُهُ كُوًى وَكِوَاءٌ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْبَابِ بِجَامِعِ تَوَصُّلِ النَّظَرِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ» .
وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ فَفَقَئُوا عَيْنَهُ فَلَا دِيَةَ لَهُ وَلَا قِصَاصَ» . وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد «فَفَقَئُوا عَيْنَهُ فَقَدْ هُدِرَتْ» .
وَمِثْلُ الْكَوَّةِ خُصَاصُ الْبَابِ لِمَا فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ «أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى بَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَلْقَمَ عَيْنَهُ خَصَاصَةُ الْبَابِ، فَبَصُرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَوَخَّاهُ بِحَدِيدَةٍ أَوْ عُودٍ لِيَفْقَأَ عَيْنَهُ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُ انْقَمَعَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَا إنَّك لَوْ ثَبَتَّ لَفَقَأْت عَيْنَك» وَخَصَاصَةُ الْبَابِ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَصَادَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ هِيَ الثُّقْبُ فِيهِ وَالشُّقُوقُ.
وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ جَعَلَ الشَّقَّ الَّذِي فِي الْبَابِ مُحَاذِيًا عَيْنَهُ.
وَمَعْنَى تَوَخَّاهُ بِتَشْدِيدِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ قَصَدَهُ وَمَعْنَى انْقَمَعَ رَدَّ بَصَرَهُ وَرَجَعَ يُقَالُ: أَقْمَعْت الرَّجُلَ عَنِّي إقْمَاعًا إذَا طَلَعَ عَلَيْك فَرَدَدْته عَنْك فَكَأَنَّ الْمَرْدُودَ أَوْ الرَّاجِعَ قَدْ دَخَلَ فِي قَمَعِهِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ " فَيَنْقَمِعُ الْعَذَابُ عِنْد ذَلِكَ " أَيْ يَرْجِعُ وَيَتَدَاخَلُ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ جُحْرٍ فِي حُجْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِدْرَاةٌ يَحُكُّ بِهَا رَأْسَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ عَلِمْت أَنَّك تَنْظُرُ لَطَعَنْت بِهَا فِي عَيْنِك، إنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ» .
وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقٍ أَحَدُهَا جَيِّدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا، وَلَكِنْ ائْتُوهَا مِنْ جَوَانِبِهَا فَاسْتَأْذِنُوا فَإِنْ أُذِنَ لَكُمْ فَادْخُلُوا، وَإِلَّا فَارْجِعُوا» وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ النَّاظِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَإِنْ) اسْتَأْذَنَ بِقَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ، أَوْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَطْ عَلَى مَا هُوَ وَ (لَمْ يُجَبْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ لَمْ يُجِبْهُ رَبُّ الْمَنْزِلِ (يَمْضِي) لِمَا فِي الْأَخْبَارِ الْمَارَّةِ وَغَيْرِهَا.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute