للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا ذَكَرْت لَك مِنْ الدَّلِيلِ وَالتَّعْلِيلِ ظَهَرَ لَك أَنَّهُ يُكْرَهُ (قَتْلُ ذَيْنِ) يَعْنِي الضِّفْدَعَ وَالصُّرَدَ (وَ) يُكْرَهُ أَيْضًا قَتْلُ (هُدْهُدٍ) بِضَمِّ الْهَاءَيْنِ) وَإِسْكَانِ الدَّالِ بَيْنَهُمَا هُوَ طَائِرٌ مَعْرُوفٌ ذُو خُطُوطٍ وَأَلْوَانٍ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْأَخْبَارِ وَأَبُو ثُمَامَةَ وَأَبُو عِبَادٍ وَيُقَالُ لَهُ الْهَدَاهِدُ قَالَ الرَّاعِي: كَهَدَاهِدَ كَسَرَ الرُّمَاةُ جُنَاحَهُ.

وَالْجَمْعُ الْهَدَاهِدُ بِالْفَتْحِ، وَهُوَ طَيْرٌ مُنْتِنُ الرِّيحِ طَبْعًا وَيُرْوَى عَنْهُ أَنَّهُ يَرَى الْمَاءَ فِي بَاطِنِ الْأَرْضِ كَمَا يَرَاهُ الْإِنْسَانُ فِي بَاطِنِ الزُّجَاجِ وَزَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ دَلِيلَ سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى الْمَاءِ، وَبِهَذَا السَّبَبِ تَفَقَّدَهُ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي فَوَائِدِ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ.

حِكَايَةٌ فِي قَوْلِ الْهُدْهُدِ لِسُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أَنْتَ وَعَسْكَرُك فِي ضِيَافَتِي (نُكْتَةٌ) حَكَى الْقَزْوِينِيُّ أَنَّ الْهُدْهُدَ قَالَ لِسُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أُرِيدُ أَنْ تَكُونَ فِي ضِيَافَتِي. قَالَ: أَنَا وَحْدِي؟ قَالَ: لَا أَنْتَ وَأَهْلُ عَسْكَرِك فِي جَزِيرَةِ كَذَا فِي يَوْمِ كَذَا. فَحَضَرَ سُلَيْمَانُ بِجُنُودِهِ فَطَارَ الْهُدْهُدُ فَاصْطَادَ جَرَادَةً وَخَنَقَهَا وَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ، وَقَالَ: كُلُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَنْ فَاتَهُ اللَّحْمُ نَالَهُ الْمَرَقُ، فَضَحِكَ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ مِنْ ذَلِكَ حَوْلًا وَفِي ذَلِكَ قِيلَ شَعْرٌ:

جَاءَتْ سُلَيْمَانَ يَوْمَ الْعَرْضِ هُدْهُدَةٌ ... أَهْدَتْ لَهُ مِنْ جَرَادٍ كَانَ فِي فِيهَا

وَأَنْشَدَتْ بِلِسَانِ الْحَالِ قَائِلَةً ... إنَّ الْهَدَايَا عَلَى مِقْدَارِ هَادِيهَا

لَوْ كَانَ يُهْدَى إلَى الْإِنْسَانِ قِيمَتُهُ ... لَكَانَ يُهْدَى لَك الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا

ذُكِرَ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ.

مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ قَتْلِ الْهِرِّ:

وَيُكْرَهُ قَتْلُ الْهِرِّ إلَّا مَعَ الْأَذَى ... وَإِنْ مُلِكَتْ فَاحْظُرْ إذَنْ غَيْرَ مُفْسِدِ

(وَيُكْرَهُ) أَيْضًا تَنْزِيهًا (قَتْلُ) أَيْ إرْهَاقُ رُوحِ (الْهِرِّ) بِالْكَسْرِ، وَهُوَ السِّنَّوْرُ، وَالْجَمْعُ هِرَرَةٌ كَقِرْدٍ وَقِرَدَةٍ، وَالْأُنْثَى هِرَّةٌ. وَيُرْوَى أَنَّ الْهِرَّةَ خُلِقَتْ مِنْ عَطْسَةِ الْأَسَدِ، رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، وَرِجَالُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَأَى رَجُلًا يَشْرَبُ قَائِمًا فَقَالَ لَهُ: أَيَسُرُّك أَنْ يَشْرَبَ مَعَك الْهِرُّ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَقَدْ شَرِبَ مَعَك الشَّيْطَانُ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>