للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا عَلِمْت هَذَا، وَأَنَّ الْمَذْهَبَ الْمُعْتَمَدَ كَرَاهَةُ تَرْكِ التَّحَنُّكِ فَاعْلَمْ الْآنَ سِيرَةَ سَيِّدِ وَلَدِ عَدْنَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَا تَعَاقَبَ الْمَلَوَانِ، فِي الْعِمَامَةِ.

قَالَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُدِيرُ كَوْرَ الْعِمَامَةِ عَلَى رَأْسِهَا يَقْرِنُهَا» وَفِي رِوَايَةٍ «وَيَغْرِزُهَا مِنْ وَرَائِهِ، وَيُرْسِلُ لَهَا ذُؤَابَةً» . .

مَطْلَبٌ: يُسَنُّ إرْخَاءُ طَرَفِ الْعِمَامَةِ

وَلِهَذَا قَالَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:

وَيَحْسُنُ أَنْ يُرْخِيَ الذُّؤَابَةَ خَلْفَهُ ... وَلَوْ شِبْرًا أَوْ أَدْنَى عَلَى نَصِّ أَحْمَدَ

(وَيَحْسُنُ) بِمَعْنَى يُسَنُّ وَيُنْدَبُ لِلرَّجُلِ (أَنْ يُرْخِيَ أَيْ يُرْسِلَ (الذُّؤَابَةَ) بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالذُّؤَابَةُ مِنْ الشَّعْرِ وَالْمُرَادُ: هُنَا طَرَفُ الْعِمَامَةِ الْمُرْخَى سُمِّيَ ذُؤَابَةً مَجَازًا (خَلْفَهُ) أَيْ الْمُعْتَمِّ.

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَإِرْخَاءُ الذُّؤَابَةِ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ مَعْرُوفٌ فِي السُّنَّةِ (وَلَوْ) كَانَ الْمُرْخَى مِنْ الذُّؤَابَةِ (شِبْرًا) لَمَا رُوِيَ أَنَّ سَيِّدَنَا عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اعْتَمَّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ وَأَرْخَاهَا مِنْ خَلْفِهِ شِبْرًا (أَوْ) لَمْ يُرْخِهَا شِبْرًا بَلْ (أَدْنَى) أَيْ أَقَلَّ مِنْ شِبْرٍ (عَلَى نَصٍّ) أَيْ: مَنْصُوصِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي إرْخَاءِ الذُّؤَابَةِ خَلْفَهُ فِي الْجُمْلَةِ لَا فِي التَّقْدِيرِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى.

وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ رَوَى «عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ عَمَّمَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ، وَأَرْخَاهَا مِنْ خَلْفِهِ قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ وَقَالَ هَكَذَا فَاعْتَمَّ فَإِنَّهُ أَعْرَبُ وَأَجْمَلُ» .

وَفِي الْفُرُوعِ وَتَبِعَهُ فِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ قَالَ شَيْخُنَا يَعْنِي شَيْخَ الْإِسْلَامِ: وَإِطَالَتُهَا كَثِيرًا مِنْ الْإِسْبَالِ.

وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: وَإِنْ أَرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَحَسَنٌ.

وَفِي الْآدَابِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَرْخَاهَا خَلْفَهُ قَدْرَ ذِرَاعٍ.

وَعَنْ أَنَسٍ نَحْوُهُ.

وَرُبَّمَا أَفْهَمَ الْمَتْنَ الِاقْتِصَارَ عَلَى شِبْرٍ فَأَقَلَّ.

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا اعْتَمَّ سَدَلَ عِمَامَتَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>