للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ عَيْنٌ، وَقِيلَ عَيْنٌ مِنْ نَظْرَةِ الْجِنِّ، وَقِيلَ فِعْلُ التَّدَاوِي وَاجِبٌ زَادَ بَعْضُهُمْ إنْ ظَنَّ نَفْعَهُ.

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ: لَيْسَ بِوَاجِبٍ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَئِمَّةِ إنَّمَا أَوْجَبَهُ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ. انْتَهَى. وَأَحَادِيثُ الْأَمْرِ بِالتَّدَاوِي لِلْإِبَاحَةِ وَالْإِرْشَادِ دُونَ الْوُجُوبِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ.

مَطْلَبٌ: فِيمَا يَجُوزُ بِهِ التَّدَاوِي وَمَا لَا يَجُوزُ

(وَ) إنَّمَا يُبَاحُ الدَّوَاءُ حَيْثُ (لَمْ تَتَيَقَّنْ) ، وَالْيَقِينُ الْمُرَادُ بِهِ الْعِلْمُ هُنَا وَهُوَ فِي الْأَصْلِ إزَاحَةُ الشَّكِّ، وَعَرَّفُوهُ بِأَنَّهُ حُكْمُ الذِّهْنِ الْجَازِمِ الْمُطَابِقِ لِلْوَاقِعِ (فِيهِ) أَيْ الدَّوَاءِ الَّذِي تَتَدَاوَى بِهِ (حُرْمَةَ مُفْرَدٍ) مِنْ مُفْرَدَاتِهِ، فَإِنْ كَانَ الدَّوَاءُ بِمُحَرَّمٍ أَوْ فِي مُفْرَدَاتِهِ شَيْءٌ مُحَرَّمٌ حَرُمَ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. وَكَذَا الشَّافِعِيُّ فِي الْمُسْكِرِ. وَلَا فَرْقَ فِي الْمُحَرَّمِ بَيْنَ كَوْنِهِ مَأْكُولًا وَغَيْرِهِ مِنْ صَوْتِ مَلْهَاةٍ وَغَيْرِهِ، وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ فِي أَلْبَانِ الْآتِنِ وَفِي التِّرْيَاقِ وَالْخَمْرِ، وَنَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ فِي مُدَاوَاةِ الدُّبُرِ بِالْخَمْرِ. وَلَوْ أَمَرَهُ أَبُوهُ بِشُرْبِ دَوَاءٍ بِخَمْرٍ وَقَالَ أُمُّك طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ تَشْرَبْهُ حَرُمَ شُرْبُهُ. نَعَمْ يَجُوزُ التَّدَاوِي بِبَوْلِ إبِلٍ فَقَطْ. ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ.

(تَنْبِيهٌ) : الَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ وَالْغَايَةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ بِمُحَرَّمٍ أَكْلًا وَشُرْبًا سَمَاعًا وَبِسُمٍّ وَتَمِيمَةٍ وَهِيَ خَرَزَةٌ أَوْ خَيْطٌ وَنَحْوُهُ يَتَعَلَّقُهَا. وَقَالَ فِي الْغَايَةِ: تَرْكُ التَّدَاوِي فِي حَقِّ نَفْسِهِ أَفْضَلُ. فَعَلَى هَذَا تَرْكُ تَدَاوِي عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ وَزَوْجَتِهِ لَيْسَ بِأَفْضَلَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً، فَتَدَاوَوْا وَلَا تَتَدَاوَوْا بِحَرَامٍ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ. كَمَا قَالَ فِي الْآدَابِ. وَفِي الْفُرُوعِ عَنْ الْبُلْغَةِ: لَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِخَمْرٍ فِي مَرَضٍ، وَكَذَا بِنَجَاسَةٍ أَكْلًا وَشَرَابًا وَظَاهِرُهُ يَجُوزُ بِغَيْرِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَأَنَّهُ يَجُوزُ بِطَاهِرٍ.

وَفِي الْغُنْيَةِ لِسَيِّدِنَا الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَحْرُمُ بِمُحَرَّمٍ كَخَمْرٍ وَشَيْءٍ نَجَسٍ. وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي: يَجُوزُ اكْتِحَالُهُ بِمِيلِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، وَذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهَا حَاجَةٌ وَيُبَاحَانِ لَهَا، وَلَا بَأْسَ بِالْحَمِيَّةِ. نَقَلَهُ حَنْبَلٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>