[مَطْلَبٌ: تُشْرَعُ لِلْمَرْضَى الْعِيَادَةُ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ (قَالَ الْمُؤَلِّفُ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَفَعَنَا بِهِ آمِينَ:
وَتُشْرَعُ لِلْمَرْضَى الْعِيَادَةُ فَأْتِهِمْ ... تَخُضْ رَحْمَةً تَغْمُرْ مَجَالِسَ عُوَّدِ
(وَتُشْرَعُ) أَيْ: تُسَنُّ وَتُنْدَبُ كَمَا فِي الْمُنْتَهَى، وَالْإِقْنَاعِ (لِلْمَرْضَى) : جَمْعُ مَرِيضٍ، وَهُوَ مَنْ اتَّصَفَ بِالْمَرَضِ، وَالْمَرَضُ حَالَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ الطَّبْعِ ضَارَّةٌ بِالْفِعْلِ وَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْآلَامَ، وَالْأَوْرَامَ أَعْرَاضٌ عَنْ الْمَرَضِ، وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: الْمَرَضُ: كُلُّ مَا خَرَجَ بِهِ الْإِنْسَانُ عَنْ حَدِّ الصِّحَّةِ مِنْ عِلَّةٍ، أَوْ نِفَاقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ فِي أَمْرٍ، وَالْفَاعِلُ مَرِيضٌ وَجَمْعُهُ مَرْضَى، وَفِي الْقَامُوسِ الْمَرَضُ: إظْلَامُ الطَّبِيعَةِ وَاضْطِرَابُهَا بَعْدَ صَفَائِهَا وَاعْتِدَالِهَا.
يُقَالُ: مَرِضَ كَفَرِحِ مَرَضًا وَمَرِضًا، فَهُوَ مَرِضٌ وَمَرِيضٌ وَمَارِضٌ، وَالْجَمْعُ مِرَاضٌ وَمَرْضَى وَمِرَاضٍ، أَوْ الْمَرَضُ بِالْفَتْحِ لِلْقَلْبِ خَاصَّةً وَبِالتَّحْرِيكِ، أَوْ كِلَاهُمَا الشَّكُّ وَالنِّفَاقُ انْتَهَى (الْعِيَادَةُ) أَيْ: الزِّيَارَةُ وَالِافْتِقَادُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: سُمِّيَتْ عِيَادَةً؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَكَرَّرُونَ أَيْ يَرْجِعُونَ يُقَالُ: عُدْت الْمَرِيضَ عَوْدًا وَعِيَادَةً الْيَاءُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ ذَكَرَهُ فِي الْمُطْلِعِ. وَفِي الْإِقْنَاعِ عَنْ ابْنِ حَمْدَان عِيَادَةُ الْمَرِيضِ فَرْضُ كِفَايَةٍ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الَّذِي يَقْتَضِيه النَّصُّ وُجُوبَ ذَلِكَ وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ، وَالْمُرَادُ مَرَّةٌ قَالَ: وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ مِنْ وَجَعِ ضِرْسٍ وَرَمَدٍ وَدُمَّلٍ خِلَافًا لِأَبِي الْمَعَالِي بْنِ الْمُنَجَّا مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: يُسْتَحَبُّ ذِكْرُ الْمَوْتِ وَالِاسْتِعْدَادِ لَهُ، وَكَذَا عِيَادَةُ الْمَرِيضِ وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَقِيلَ: بَعْدَ أَيَّامٍ لِخَبَرٍ ضُعِّفَ، وَأَوْجَبَ أَبُو الْفَرَجِ وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ عِيَادَتَهُ، وَالْمُرَادُ مَرَّةً وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَفِي أَوَاخِرِ الرِّعَايَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَوَجْهٍ فِي ابْتِدَاءِ السَّلَامِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَاخْتَارَهُ.
وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ: السُّنَّةُ مَرَّةً وَمَا زَادَ نَافِلَةٌ (فَأْتِهِمْ) أَيْ الْمَرْضَى يَعْنِي عُدْهُمْ (تَخُضْ) فِي حَالِ ذَهَابِك لِعِيَادَتِهِمْ وَإِيَابِك مِنْهَا (رَحْمَةً) أَيْ فِي رَحْمَةٍ مِنْ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ (تَغْمُرُ) أَيْ تُغَطِّي لِكَثْرَتِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute