إذَا حَدَّثَتْك النَّفْسُ يَوْمًا بِشَهْوَةٍ ... وَكَانَ عَلَيْهَا لِلْخِلَافِ طَرِيقُ
فَخَالِفْ هَوَاهَا مَا اسْتَطَعْت فَإِنَّمَا ... هَوَاهَا عَدُوٌّ وَالْخِلَافُ صَدِيقُ
«وَإِذَا جَمَعَ اللَّهُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ نَادَى مُنَادٍ لَيَعْلَمَنَّ أَهْلُ الْجَمْعِ مِنْ أَهْلِ الْكَرَمِ الْيَوْمَ أَلَا لِيَقُمْ الْمُتَّقُونَ، فَيَقُومُونَ إلَى مَحَلِّ الْكَرَامَةِ وَأَمَّا الْمُتَّبِعُونَ لِهَوَاهُمْ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ فِي الْمَوْقِفِ فِي حَرِّ الْهَوَى وَعَرَقِهِ وَأَلَمِهِ وَحَرْقِهِ، وَأُولَئِكَ فِي ظِلِّ عَرْشِ الرَّحْمَنِ لَا حَرَّ وَلَا ذُلَّ وَلَا هَوَانَ» . فَإِذًا عَلِمْت هَذَا.
مَطْلَبٌ: لَا تَشْتَغِلْ إلَّا بِمَا يُكْسِبُ الْعُلَا:
فَلَا تَشْتَغِلْ إلَّا بِمَا يُكْسِبُ الْعُلَا ... وَلَا تَرْضَ لِلنَّفْسِ النَّفِيسَةِ بِالرَّدِي
(فَلَا تَشْتَغِلْ) بِشَيْءٍ مِنْ الْأَشْغَالِ (إلَّا بِمَا) أَيْ بِشُغْلٍ (يُكْسِبُ الْعُلَا) مِنْ الْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَمَعَالِي الْأُمُورِ وَمَفَاخِرِ الرُّتَبِ (وَلَا تَرْضَ لِلنَّفْسِ النَّفِيسَةِ) الْمَرْغُوبِ فِيهَا لَا عَنْهَا (بِ) الْفِعْلِ (الرَّدِي) أَيْ الْمُرْدِي لَهَا أَوْ الْفِعْلِ الَّذِي يُؤَدِّيهَا إلَى الرَّدِي وَالْهَلَاكِ، فَإِنَّ هَذَا لَا يَفْعَلُهُ صَدِيقٌ بِصَدِيقِهِ وَلَا رَفِيقٌ بِرَفِيقِهِ، وَالنَّفْسُ عِنْدَك وَدِيعَةٌ أُودِعْتهَا، وَحَفِيظَةٌ اُسْتُحْفِظْتهَا، فَلَا تَذْهَبْ بِهَا إلَى الْهَلَكَاتِ، وَلَا تُلْقِهَا فِي مَهَاوِي التَّلِفَاتِ، وَإِذَا كُنْت لَا تَنْصَحُ نَفْسَك الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْك، وَتُرَاقِبُ فِيهَا الرَّبَّ الْمُهَيْمِنَ عَلَيْك، فَيَا طُولَ دَمَارِك، وَيَا أَسَفِي عَلَيْك. فَمَنْ لَا يَنْصَحُ لِنَفْسِهِ، كَيْفَ يَنْصَحُ لِأَبْنَاءِ جِنْسِهِ، مِنْ وَالِدَيْهِ وَوَلَدِهِ وَحَوَاشِيهِ وَعُرْسِهِ.
ثُمَّ ذَكَرَ النَّاظِمُ أَشْيَاءَ مِنْ فَضْلِ الْعُزْلَةِ عَنْ النَّاسِ فَقَالَ:
مَطْلَبٌ: فِي فَضْلِ الْعُزْلَةِ عَنْ النَّاسِ وَأَنَّهَا مُوجِبَةٌ لِسَلَامَةِ الدِّينِ:
وَفِي خَلْوَةِ الْإِنْسَانِ بِالْعِلْمِ أُنْسُهُ ... وَيَسْلَمُ دِينُ الْمَرْءِ عِنْدَ التَّوَحُّدِ
(وَفِي خَلْوَةِ) أَيْ انْفِرَادِ (الْإِنْسَانِ) عَنْ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ وَشُئُونِهِمْ (بِ) مُطَالَعَةِ كُتُبِ (الْعِلْمِ) مِنْ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَسِيرَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالتَّفَهُّمِ فِي ذَلِكَ، وَتَتَبُّعِ أَيَّامِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَحْوَالِهِ وَشُئُونِهِ " وَالتَّأَدُّبِ بِآدَابِهِ.
وَالتَّخَلُّقِ بِمَا أَمْكَنَهُ مِنْ أَخْلَاقِهِ، وَذِكْرِ غَزَوَاتِهِ وَسَرَايَاهُ وَمُكَاتَبَاتِهِ، وَالْوُفُودِ الَّذِينَ كَانُوا يَفِدُونَ عَلَيْهِ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute