قَالَ حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَلْقَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي رِجَالٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ السُّلَمِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَقُصُّوا نَوَاصِيَ الْخَيْلِ، فَإِنَّ فِيهَا الْبَرَكَةَ وَلَا تَجُزُّوا أَعْرَافَهَا، فَإِنَّهَا أَدِفَاؤُهَا وَلَا تَقُصُّوا أَذْنَابَهَا، فَإِنَّهَا مَذَابُّهَا» . فَرِجَالٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ جَمَاعَةٌ يَبْعُدُ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِمْ ثِقَةٌ لَا سِيَّمَا، وَالْمُتَقَدِّمُونَ حَالُهُمْ حَسَنٌ. وَبَاقِي الْإِسْنَادِ جَيِّدٌ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَانَ يُقَالُ: «لَا تَقُودُوا الْخَيْلَ بِنَوَاصِيهَا فَتُذِلُّوهَا وَلَا تَجُزُّوا أَعْرَافَهَا، فَإِنَّهَا أَدِفَاؤُهَا وَلَا تَجُزُّوا أَذْنَابَهَا، فَإِنَّهَا مَذَابُّهَا» . قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مَرْفُوعًا.
مَطْلَبٌ: فِي الْحَثِّ عَلَى اقْتِنَاءِ الْخَيْلِ، وَأَنَّهَا مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيهَا الْخَيْرُ
وَصَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . وَمَعْنَى عَقْدُ الْخَيْرِ بِنَوَاصِيهَا أَيْ مُلَازَمَتُهُ لَهَا كَأَنَّهُ مَعْقُودٌ فِيهَا، وَالْمُرَادُ بِالنَّاصِيَةِ الشَّعْرُ الْمُسْتَرْسِلُ عَلَى الْجَبْهَةِ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا، وَكَنَّى بِالنَّاصِيَةِ عَنْ جَمِيعِ ذَاتِ الْفَرَسِ يُقَالُ: فُلَانٌ مُبَارَكُ النَّاصِيَةِ مَيْمُونُ الْغُرَّةِ أَيْ الذَّاتِ.
وَفِي سُنَنِ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ نُفَيْلٍ السَّكُونِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ إذَالَةِ الْخَيْلِ، وَهُوَ امْتِهَانُهَا فِي الْحَمْلِ عَلَيْهَا وَاسْتِعْمَالِهَا» ، وَأَنْشَدَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ لِابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -:
أَحِبُّوا الْخَيْلَ وَاصْطَبِرُوا عَلَيْهَا ... فَإِنَّ الْعِزَّ فِيهَا وَالْجَمَالَا
إذَا مَا الْخَيْلُ ضَيَّعَهَا أُنَاسٌ ... رَبَطْنَاهَا فَأَشْرَكَتْ الْعِيَالَا
نُقَاسِمُهَا الْمَعِيشَةَ كُلَّ يَوْمٍ ... وَنَكْسُوهَا الْبَرَاقِعَ وَالْجِلَالَا
وَقَالَ الْإِمَامُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: عَلَيْكُمْ بِإِنَاثِ الْخَيْلِ، فَإِنَّ بُطُونَهَا كَنْزٌ وَظُهُورَهَا حِرْزٌ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مَرْفُوعًا. .
مَطْلَبٌ: أَوَّلُ مَنْ رَكِبَ الْخَيْلَ إسْمَاعِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -
وَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «ارْكَبُوا الْخَيْلَ، فَإِنَّهَا مِيرَاثُ أَبِيكُمْ إسْمَاعِيلَ» . وَذَلِكَ أَنَّ إسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوَّلُ مَنْ رَكِبَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ؛ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ الْعِرَابُ وَكَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ وَحْشًا كَسَائِرِ الْوُحُوشِ، فَلَمَّا أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى إلَى إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - بِرَفْعِ الْقَوَاعِدِ مِنْ الْبَيْتِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إنِّي مُعْطِيكُمَا كَنْزًا ادَّخَرْته لَكُمَا، ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute