للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» .

فَإِذَا دَخَلَ الْإِنْسَانُ الْمَسْجِدَ وَقَالَ مَا ذَكَرْنَا لَهُ أَوَّلًا فَيُسْتَحَبُّ لَهُ حِينَئِذٍ الْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَذْكَارِ.

وَيُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.

وَمِنْ الْمُسْتَحَبِّ فِيهِ قِرَاءَةُ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِلْمِ الْفِقْهِ وَسَائِرِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [النور: ٣٦] {رِجَالٌ} [النور: ٣٧] الْآيَةَ.

وَقَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: ٣٢] ، وَقَالَ {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج: ٣٠] .

وَمِمَّا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْوِيَ الِاعْتِكَافَ مَا دَامَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ.

قَالَ أَصْحَابُنَا لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ صَائِمًا.

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمِنْهَاجِ وَمَعْنَاهُ فِي الْغُنْيَةِ.

قُلْت: وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ، إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَصْحَابِنَا اعْتِبَارُ اللُّبْثِ وَهُمْ لَمْ يَعْتَبِرُوهُ، فَيَنْوِي الْمَارُّ كَمَا فِي الْأَذْكَارِ لِلْإِمَامِ النَّوَوِيِّ.

وَلَمْ يَرَ " شَيْخُ الْإِسْلَامِ ذَلِكَ مُسْتَحَبًّا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

مَطْلَبٌ: فِيمَنْ أَحْدَثَ مَقَاصِيرَ فِي الْمَسَاجِدِ.

الثَّامِنُ: رُفِعَ لِشَيْخِ الْإِسْلَام ابْنِ تَيْمِيَّةَ سُؤَالٌ فِيمَنْ أَحْدَثَ مَقَاصِيرَ فِي الْمَسَاجِدِ وَيُخَصَّصُ بِهَا دُونَ غَيْرِهِ، أَوْ جَعَلَهَا لَهُ وَلِغَيْرِهِ، فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا، وَهَلْ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ مَنْعُهُ؟ .

أَجَابَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْتَصَّ بِمَكَانٍ مِنْ الْمَسْجِدِ بِحَيْثُ يَمْنَعُهُ غَيْرَهُ فِي أَوْقَاتِ الْعِبَادَاتِ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَتَّخِذُ مَقْصُورَةً فِي الْمَسْجِدِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْتِ الَّذِي يُقِيمُ فِيهِ وَيَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ دُخُولِهِ، فَإِنَّ هَذَا غَيْرُ جَائِزٍ بِلَا نِزَاعٍ، بَلْ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْهَى عَنْ تَوَطُّنِ الْمَكَانِ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا يُوَطَّنُ الْبَعِيرُ» .

قَالَ وَلِهَذَا نَهَى الْعُلَمَاءُ عَنْ أَنْ يَتَّخِذُ الرَّجُلُ مَكَانًا مِنْ الْمَسْجِدِ لَا يُصَلِّي إلَّا فِيهِ، وَجَعَلُوا هَذَا مِنْ الِاخْتِصَاصِ الْمُنْهَى عَنْهُ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْفَسَادِ، مِثْلُ كَوْنِ الرَّجُلِ إذَا رَأَى غَيْرَهُ سَبَقَهُ إلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا أَبْغَضَهُ أَوْ سَبَّهُ أَوْ عَادَاهُ.

وَالسُّنَّةُ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّ مَنْ سَبَقَ إلَى بُقْعَةٍ مِنْهُ لِعَمَلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>