فِي كَيٍّ وَرَقْيَةٍ وَتَعْوِيذَةٍ وَتَمِيمَةٍ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ قَبْلَ الْأَلَمِ فَقَطْ، وَالْحَاصِلُ: أَنَّ فِي الْمَذْهَبِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالًا. ثَالِثُهَا: انْتِفَاءُ الْكَرَاهَةِ بَعْدَ حُصُولِ الدَّاءِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةٍ مِنْ عَسَلٍ أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ» .
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنْ خَبَّابٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: وَقَدْ اكْتَوَى فِي بَطْنِهِ سَبْعَ كَيَّاتٍ: مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقِيَ مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَقِيت، وَكَأَنَّهُ قَالَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَسْلِيَةً لِلْمُؤْمِنِ الْمُصَابِ لَا عَلَى وَجْهِ الشِّكَايَةِ.
قُلْت: وَإِذَا عَلِمْت ثُبُوتَ النَّهْيِ عَنْ الْكَيِّ وَتَحَقَّقْت أَنَّهُ نَهْيُ كَرَاهَةٍ لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ، وَفِعْلِ الصَّحَابَةِ الْأَخْيَارِ، ظَهَرَ لَك أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَزُولُ بِنُزُولِ الضَّرَرِ إذْ الْقَاعِدَةُ: زَوَالُهَا بِأَدْنَى حَاجَةٍ. فَظَهَرَ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ كَرَاهَةِ الْكَيِّ لِلْحَاجَةِ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ طَبِيبًا فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقًا، ثُمَّ كَوَاهُ» . وَعَنْ جَابِرٍ أَيْضًا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَوَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فِي أَكْحَلِهِ مَرَّتَيْنِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
وَلِمُسْلِمٍ «رُمِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فِي أَكْحَلِهِ فَحَسَمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ بِمِشْقَصٍ، ثُمَّ وَرِمَتْ فَحَسَمَهُ الثَّانِيَةَ» . قَوْلُهُ فَحَسَمَهُ أَيْ كَوَاهُ «وَكَوَى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدَ بْنَ زُرَارَةَ مِنْ الشَّوْكَةِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْإِبَاحَةِ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُكْرَهُ بِلَا حَاجَةٍ لِلنَّهْيِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: فِي جَوَازِ الرُّقْيَةِ بِالْقُرْآنِ وَمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ وَأَخْذِ الْجُعْلِ عَلَيْهَا
كَذَاك الرُّقَى إلَّا بِآيٍ وَمَا رَوَى ... فَتَعْلِيقُ ذَا حِلٌّ كَكَتْبٍ لِوُلَّدِ
(كَذَاك) أَيْ فِي الْكَرَاهَةِ قَبْلَ حُصُولِ الدَّاءِ وَعَدَمِهَا بَعْدَهُ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute