للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُمُومٌ مُتَرَاكِمَةٌ، وَغُمُومٌ مُتَلَاطِمَةٌ، وَحِسَابٌ وَعَذَابٌ، وَهِيَ خِرَقٌ وَتُرَابٌ، وَصُوَرٌ وَخَرَابٌ.

فَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأً عَرَفَ نَفْسَهُ، وَعَرَفَ الدُّنْيَا وَعَمِلَ عَلَى مُقْتَضَى كُلٍّ بِحَسَبِهِ.

وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمَسْئُولُ، أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِنَا مِنْ النُّورِ.

مَا يَزُولُ بِهِ الدَّيْجُورِ، وَنُشَاهِدُ حَقَائِقَ الْأُمُورِ، عَلَى حَسَبِ مَا يُرْضِي الْغَفُورَ، إنَّهُ جَوَادٌ كَرِيمٌ، رَءُوفٌ رَحِيمٌ.

مَطْلَبٌ: مَا يُقَالُ لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا

وَقُلْ لِأَخٍ أَبْلِ وَأَخْلِقْ وَيُخْلِفُ ... الْإِلَهُ كَذَا قُلْ عِشْ حَمِيدًا تُسَدِّدْ

(وَقُلْ) أَيْ يُنْدَبُ لَك أَنْ تَقُولَ (لِ) كُلِّ (أَخٍ) لَك فِي الْإِسْلَامِ إذَا لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا (أَبْلِ) مِنْ أَبْلَى الثَّوْبَ وَبَلَاهُ أَيْ أَفْنَى الثَّوْبَ (وَأَخْلِقْ) أَيْ صَيِّرْهُ خَلَقًا، يَعْنِي: اللَّهُ يُبْلِيه وَيُصَيِّرُهُ خَلَقًا، وَهَذَا دُعَاءٌ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ بِطُولِ الْحَيَاةِ، كَأَنَّهُ دَعَا لَهُ أَنْ يُطَوِّلَ اللَّهُ عُمْرَهُ حَتَّى يُبْلِيَهُ وَيُخْلِقَهُ، وَلَا يَخْلُفُهُ وَرَاءَهُ تَرِكَةً (وَيُخْلِفُ) عَلَيْهِ (الْإِلَهُ) الْمَعْبُودُ بِحَقِّ الَّذِي يُعْطِي الْكَثِيرَ، وَيَرْضَى بِالْبِرِّ الْيَسِيرِ، جَلَّ شَأْنُهُ، تَعَالَى سُلْطَانُهُ، وَذَلِكَ لِمَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «أَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةُ كِسَاءٍ سَوْدَاءَ، قَالَ مَنْ تَرَوْنَ نَكْسُوهَا هَذِهِ الْخَمِيصَةَ؟ فَأُسْكِتَ الْقَوْمُ، فَقَالَ ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ، فَأَتَى بِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَلْبَسَنِيهَا بِيَدِهِ وَقَالَ: أَبْلِي وَأَخْلِقِي يَا أُمَّ خَالِدٍ، هَذَا سَنَا قَالَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ» .

قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: السَّنَا بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ الْحُسْنُ.

قَالَ فِي النِّهَايَةِ: يُرْوَى أَخَلْقِي بِالْقَافِ مِنْ إخْلَاقِ الثَّوْبِ تَقْطِيعُهُ، وَقَدْ خَلِقَ الثَّوْبُ وَأَخْلَقَ.

وَيُرْوَى بِالْفَاءِ بِمَعْنَى التَّعْوِيضِ وَالْبَدَلِ، قَالَ: وَهُوَ أَشْبَهُ. انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الْمَطَالِعِ: أَبْلِي وَأَخْلِفِي، كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَأَبِي زَيْدٍ الْمَرُّوذِيِّ بِالْفَاءِ، وَلِغَيْرِهِمَا بِالْقَافِ مِنْ إخْلَاقِ الثَّوْبِ.

قَالَ: وَمَعْنَاهُ أَنْ يَكْتَسِبَ خَلَفَهُ بَعْدَ بَلَاهُ، يُقَالُ خَلَفَ اللَّهُ لَك مَالًا، وَأَخْلَفَهُ وَهُوَ الْأَشْهَرُ يَعْنِي بِالْفَاءِ رُبَاعِيٌّ انْتَهَى.

وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: قَوْلُهُ: أَخَلْقِي بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>