للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(تَنْبِيهٌ) : خَبَرُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي الْمَعَارِيضِ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي مُحْتَجًّا بِهِ فَظَاهِرُهُ الثُّبُوتُ.

وَفِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: هُوَ ثَابِتٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. قَالَ: وَرُوِيَ مَرْفُوعًا وَلَيْسَ هُوَ فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَلَا فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ. وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْمَعَارِيضِ بِإِسْنَادَيْنِ ضَعِيفَيْنِ.

وَقَالَ فِي الْآدَابِ: قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: الْكَلَامُ أَوْسَعُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ ظَرِيفٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْكَذِبَ يَجُوزُ حَيْثُ كَانَ لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْإِمَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ، وَإِنْ كَانَ لَا يُتَوَصَّلُ إلَى مَقْصُودٍ وَاجِبٍ إلَّا بِهِ وَجَبَ. وَحَيْثُ جَازَ فَالْأَوْلَى اسْتِعْمَالُ الْمَعَارِيضِ.

وَأَمَّا الْحَلِفُ فَإِنْ كَانَ ظَالِمًا حَنِثَ وَلَوْ أُوِّلَ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَمِينُك عَلَى مَا يَصْدُقُك بِهِ صَاحِبُك» وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا كَاَلَّذِي يَسْتَحْلِفُهُ ظَالِمٌ عَلَى شَيْءٍ لَوْ صَدَّقَهُ لَظَلَمَهُ أَوْ ظَلَمَ غَيْرَهُ أَوْ نَالَ مُسْلِمًا مِنْهُ ضَرَرًا فَهُنَا لَهُ تَأْوِيلُهُ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ ظَالِمًا وَلَا مَظْلُومًا وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ. وَيُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ مَعَ قُرْبِ الِاحْتِمَالِ وَتَوَسُّطِهِ لَا مَعَ بُعْدِهِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَالْيَمِينُ الْمُكَفِّرَةُ. وَحَيْثُ حَلَفَ كَاذِبًا وَلَمْ يُؤَوِّلْ حَنِثَ وَلَوْ مَظْلُومًا.

وَلَوْ اسْتَحْلَفَهُ ظَالِمٌ مَا لِفُلَانٍ عِنْدَك وَدِيعَةٌ وَكَانَ لَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فَإِنَّهُ يَعْنِي بِمَا الَّذِي، أَوْ يَنْوِي غَيْرَ الْوَدِيعَةِ، أَوْ غَيَّرَ مَكَانَهَا، أَوْ يُسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ، فَإِنْ لَمْ يَتَأَوَّلْ أَثِمَ وَهُوَ دُونَ إثْمِ إقْرَارِهِ بِهَا، وَيُكَفِّرُ كَمَا فِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَطْلَبٌ: فِي تَعْرِيفِ الْكَذِبِ

(تَتِمَّةٌ) فِي بَعْضِ مَثَالِبِ الْكَذِبِ وَتَعْرِيفِهِ. أَمَّا تَعْرِيفُهُ فَقَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: هُوَ الْإِخْبَارُ عَنْ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعَمُّدُ، نَعَمْ التَّعَمُّدُ شَرْطٌ لِكَوْنِهِ إثْمًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَقَالَ إنَّهُ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَحَكَاهُ عَنْهُ فِي الْآدَابِ وَلَمْ يُخَالِفْهُ بَلْ قَالَ فَلَعَلَّ ظَاهِرَهُ لَا يُحَرَّمُ لِعَدَمِ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ وَلَمْ يَذْكُرْ رِوَايَةَ أَبِي دَاوُد الْمَذْكُورَةَ وَهِيَ قَوْلُهُ «كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» فَظَاهِرُهَا يَأْثَمُ مَعَ عَدَمِ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ لَكِنَّهُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ يَسْمَعُ الْكَذِبَ وَالصِّدْقَ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّحَرِّي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلِهَذَا يَقُولُ أَصْحَابُنَا فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ: هِيَ الَّتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>