الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَصْحَابِ الصُّفَّةِ «كَيْفَ أَصْبَحْتُمْ» .
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ لَيِّنٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَسِيدٍ السَّاعِدِيِّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - دَخَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: وَعَلَيْك السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ قَالَ كَيْفَ أَصْبَحْتُمْ؟ قَالُوا بِخَيْرٍ نَحْمَدُ اللَّهَ كَيْفَ أَصْبَحْت بِأَبِينَا وَأُمِّنَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَصْبَحْت بِخَيْرٍ أَحْمَدُ اللَّهَ» . وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ قُلْت «كَيْفَ أَصْبَحْت يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ بِخَيْرٍ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يُصْبِحْ صَائِمًا وَلَمْ يَعُدْ سَقِيمًا» وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ هُرْمُزَ ضَعِيفٌ.
وَفِي حَوَاشِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْكَبِيرِ عِنْدَ كِتَابِ النُّذُورِ وَأَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ: لَوْ لَقِيت رَجُلًا فَقَالَ لِي: بَارَكَ اللَّهُ فِيك لَقُلْت وَفِيك.
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: فَقَدْ ظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ بِنَحْوِ كَيْفَ أَصْبَحْت وَكَيْفَ أَمْسَيْت بَدَلًا مِنْ السَّلَامِ وَأَنَّهُ يُرَدُّ عَلَى الْمُبْتَدِئِ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ السَّلَامُ وَجَوَابُهُ أَفْضَلَ وَأَكْمَلَ.
مَطْلَبٌ:
فِي كَرَاهَةِ قَوْلِهِمْ: أَبْقَاك اللَّهُ
(الثَّانِيَةُ) : قَالَ الْخَلَّالُ فِي الْآدَابِ كَرَاهِيَةُ قَوْلِهِ فِي السَّلَامِ أَبْقَاك اللَّهُ: أَخْبَرْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: رَأَيْت أَبِي إذَا دُعِيَ لَهُ بِالْبَقَاءِ يَكْرَهُهُ، وَيَقُولُ هَذَا شَيْءٌ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ.
وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ - أَنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ.
وَاحْتَجَّ لَهُ بِحَدِيثِ «أُمِّ حَبِيبَةَ لَمَّا سَأَلَتْ، أَنْ يَمْنَعَهَا اللَّهُ بِزَوْجِهَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِأَبِيهَا أَبِي سُفْيَانَ وَبِأَخِيهَا مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّك سَأَلْت اللَّهَ لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ وَآثَارٍ مَوْطُوءَةٍ وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ لَا يُعَجَّلُ مِنْهَا شَيْءٌ قَبْلَ حَلِّهِ وَلَا يُؤَخَّرُ مِنْهَا شَيْءٌ بَعْدَ حَلِّهِ، وَلَوْ سَأَلْت اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَك مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وَعَذَابٍ فِي الْقَبْرِ كَانَ خَيْرًا لَك» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَقَوْلُهُ: حَلِّهِ بِفَتْحِ الْحَاءِ مُهْمَلَةً وَكَسْرِهَا أَيْ وُجُوبِهِ قَالَ ابْنُ قُرْقُولٍ فِي مَطَالِعِ الْأَنْوَارِ: قَبْلَ حَلِّهِ أَيْ يُؤَخِّرُهُ عَنْ حَلِّهِ بِفَتْحِ الْحَاءِ ضَبْطُهُ أَيْ وُجُوبِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute