مَجْلِسَهُ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ، لَا يُضَيِّعُ مِنْ زَمَانِهِ شَيْئًا، يَكْتُبُ فِي الْيَوْمِ أَرْبَعَ كَرَارِيسَ، يَرْتَفِعُ لَهُ كُلَّ سَنَةٍ مِنْ كِتَابَتِهِ مَا بَيْنَ خَمْسِينَ مُجَلَّدًا إلَى سِتِّينَ، وَلَهُ فِي كُلِّ عِلْمٍ مُشَارَكَةٌ، لَكِنَّهُ كَانَ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ الْأَعْيَانِ، وَفِي الْحَدِيثِ مِنْ الْحُفَّاظِ، وَفِي التَّوَارِيخِ مِنْ الْمُتَوَسِّعِينَ، وَمَنَاقِبُهُ وَمَآثِرُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحِيطَ بِهَا مِثْلُ كِتَابِي هَذَا، وَهُوَ أَجَلُّ وَأَعْظَمُ وَأَكْبَرُ مِنْ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهِ وَعَلَى فَضَائِلِهِ مِثْلِي، نَادِرَةُ الزَّمَانِ، وَإِنْسَانُ سَوَادِ عَيْنِ الْإِنْسَانِ، وَمَنْ اطَّلَعَ عَلَى مُصَنَّفَاتِهِ أَوْ بَعْضِهَا، عَلِمَ بُعْدَ غَوْرِهِ فِي الِاطِّلَاعِ عَلَى السُّنَّةِ وَنَقْلِهَا. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ نَتْفِ الشَّيْبِ
وَقَوْلُ النَّاظِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَابِقِهِ) أَيْ الشَّيْبَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ نَتْفَ الشَّيْبِ مَكْرُوهٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُكْرَهُ نَتْفُ الشَّيْبِ اتِّفَاقًا. وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَحْرُمُ لِلنَّهْيِ لَكِنَّهُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. انْتَهَى. وَقَطَعَ فِي الْإِقْنَاعِ وَالْمُنْتَهَى بِالْكَرَاهَةِ فَقَطْ. وَلَفْظُ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْفُرُوعِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ فَإِنَّهُ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَشِيبُ فِي الْإِسْلَامِ إلَّا كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَفِي رِوَايَةٍ «كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ وَلَفْظُهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ نَتْفِ الشَّيْبِ وَقَالَ: إنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.
وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَبَقِيَّةُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ عِنْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ رِجَالًا يَنْتِفُونَ الشَّيْبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ شَاءَ فَلْيَنْتِفْ نُورَهُ» .
وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبَسَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute