وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَمِنْ غَيْرِ الصَّحَابَةِ: الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالْحَكَمُ بْنُ عُتْبَةَ وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: فِي التَّهَجُّدِ وَمَا وَرَدَ فِي فَضْلِهِ.
(وَخُذْ) أَيُّهَا الْأَخُ الصَّادِقُ، وَالْخِلُّ الْمُوَافِقُ (بِنَصِيبٍ) وَافِرٍ، وَسَهْمٍ صَالِحٍ غَيْرِ قَاصِرٍ (فِي الدُّجَى) أَيْ فِي الظَّلَامِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: دَجَا اللَّيْلُ دَجْوًا وَدُجُوًّا أَظْلَمَ كَأَدْجَى وَتَدَجَّى وَادْجَوْجَى، وَلَيْلَةٌ دَاجِيَةٌ، وَدَيَاجِي اللَّيْلِ حَنَادِسُهُ كَأَنَّهَا جَمْعُ دَيْجَاةٌ انْتَهَى (مِنْ تَهَجُّدٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: ٧٩] يُقَالُ: هَجَدَ وَتَهَجَّدَ أَيْ نَامَ وَسَهِرَ فَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ يُطْلَقُ عَلَى النَّوْمِ وَضِدِّهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُرَادَ النَّاظِمِ رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ الْأَخْذُ بِنَصِيبٍ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَالْمُتَهَجِّدُ الْمُصَلِّي بِاللَّيْلِ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا: التَّهَجُّدُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ النَّوْمِ. وَالنَّاشِئَةُ لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ رَقْدَةٍ، وَصَلَاةُ اللَّيْلِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، فَهِيَ مَا بَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَهِيَ سُنَّةٌ مُرَغَّبٌ فِيهَا، وَأَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ، قَدْ وَرَدَتْ بِهَا الْأَخْبَارُ، وَتَظَافَرَتْ بِالْحَثِّ عَلَيْهَا الْآثَارُ وَأَفْضَلُ اللَّيْلِ نِصْفُهُ الْأَخِيرِ، وَأَفْضَلُهُ ثُلُثُهُ الْأَوَّلِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ أَفْضَلُ اللَّيْلِ الثُّلُثُ بَعْدَ النِّصْفِ كَمَا هُوَ نَصُّ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ» .
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «فِي الْجَنَّةِ غُرْفَةٌ يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، فَقَالَ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَبَاتَ قَائِمًا وَالنَّاسُ نِيَامٌ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute