للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآدَابِ الْكُبْرَى حَكَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ تَحْرِيمَ الصَّرِيرِ فِي الْمَدَاسِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.

(فَائِدَةٌ) : فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «اسْتَكْثِرُوا مِنْ النِّعَالِ فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ رَاكِبًا مَا انْتَعَلَ» .

قَالَ الْقَاضِي: يَدُلُّ عَلَى تَرْغِيبِ اللُّبْسِ لِلنِّعَالِ وَلِأَنَّهَا قَدْ تَقِيهِ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَالنَّجَاسَةَ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: أَيْ إنَّهُ شَبِيهٌ بِالرَّاكِبِ فِي خِفَّةِ الْمَشَقَّةِ وَقِلَّةِ التَّعَبِ وَسَلَامَةِ الرِّجْلِ مِنْ أَذَى الطَّرِيقِ.

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هَذَا كَلَامٌ بَلِيغٌ، وَلَفْظٌ فَصِيحٌ بِحَيْثُ لَا يُنْسَجُ عَلَى مِنْوَالِهِ.

وَلَا يُؤْتَى بِمِثَالِهِ، وَهُوَ إرْشَادٌ إلَى الْمَصْلَحَةِ، وَتَنْبِيهٌ عَلَى مَا يُخَفِّفُ الْمَشَقَّةَ، فَإِنَّ الْحَافِيَ الْمُدِيمَ لِلْمَشْيِ، يَلْقَى مِنْ الْآلَامِ وَالْمَشَقَّةِ بِالْعِثَارِ وَغَيْرِهِ مَا يَقْطَعُهُ عَنْ الْمَشْيِ وَيَمْنَعُهُ مِنْ الْوُصُولِ إلَى مَقْصُودِهِ، بِخِلَافِ الْمُنْتَعِلِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ إدَامَةِ الْمَشْيِ فَيَصِلُ إلَى مَقْصُودِهِ كَالرَّاكِبِ؛ فَلِذَلِكَ يُشَبَّهُ بِهِ. انْتَهَى. .

مَطْلَبٌ: فِي السَّيْرِ حَافِيًا وَحَاذِيًا:

وَسِرْ حَافِيًا أَوْ حَاذِيًا وَامْشِ وَارْكَبَنْ ... تَمَعْدَدْ وَاِخْشَوْشِنْ وَلَا تَتَعَوَّدْ

(وَسِرْ) حَالَةَ كَوْنِك (حَافِيًا) بِلَا نَعْلٍ أَحْيَانًا اقْتِدَاءً بِسَيِّدِ الْعَالَمِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَوْ) سِرْ فِي حَالِ كَوْنِك (حَاذِيًا) أَيْ مُنْتَعِلًا يُقَالُ: حَذَا النَّعْلَ حَذْوًا وَحِذَاءً قَدَّرَهَا وَقَطَعَهَا.

وَحَذَا الرَّجُلُ نَعْلًا أَلْبَسَهُ إيَّاهَا كَأَحْذَاهُ.

وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَمِيرًا بِمِصْرَ قَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ لَا أَرَى عَلَيْك حِذَاءً قَالَ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُنَا أَنْ نَحْتَفِيَ أَحْيَانًا» . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَيُرْوَى هَذَا الْمَعْنَى عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ بِرِجَالٍ ثِقَاتٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْشِي حَافِيًا وَنَاعِلًا» .

قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ فِي الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ: «كَانَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْشِي حَافِيًا وَمُنْتَعِلًا» .

قَالَ الشَّمْسُ الشَّامِيُّ: أَمَّا مَشْيُهُ مُنْتَعِلًا فَهُوَ أَكْثَرُ مَشْيِهِ، وَأَمَّا حَافِيًا فَذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ أَيْضًا، وَاسْتَدَلَّ لَهُ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>