تَعَرَّضُوا إلَيْهِ مِنْ أَذَى الْمُسْلِمِينَ وَهَجْوِهِمْ، وَقَالَ فِي حَقِّ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «إنَّ حَسَّانَ مُؤَيَّدٌ فِي شِعْرِهِ بِرُوحِ الْقُدْسِ» ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الصِّدِّيقَ وَالْفَارُوقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَانَا يَنْظِمَانِ الشِّعْرَ.
وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَشْعَرَ الْجَمَاعَةِ، وَرُوِيَ لَهُ شِعْرٌ كَثِيرٌ، وَكَذَلِكَ رَوَى الْجَمَاعَةُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «إنَّ رُوحَ الْقُدْسِ مَعَك مَا دُمْت تُنَافِحُ عَنْ نَبِيِّهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدْسِ» وَقَدْ جَرَى عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِدَّةُ أَبْيَاتٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِنْهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَظْمِ شَيْءٍ مِنْ الشِّعْرِ لِمَنْعِهِ مِنْهُ، كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ» وَكَقَوْلِهِ: «مَا أَنْت إلَّا أُصْبُعٌ دَمِيَتْ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيت» وَكَقَوْلِهِ: «اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إلَّا عَيْشُ الْآخِرَهْ فَارْحَمْ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ» وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يُنْكِرُ فَضْلَ الشِّعْرِ إلَّا جَامِدُ الْقَرِيحَةِ بِلَا مُحَالٍ، وَاَللَّهُ وَلِيُّ الْأَفْضَالِ.
[تَنْبِيه: أَوَّلَ مَنْ نَطَقَ بِالشِّعْرِ]
(تَنْبِيهٌ)
قِيلَ وَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ نَطَقَ بِالشِّعْرِ آدَم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرِ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ لَمَّا قَتَلَ قَابِيلُ أَخَاهُ هَابِيلَ بَكَى آدَم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَجَزِعَ وَأَسِفَ عَلَى فَقْدِهِ، وَرَثَاهُ بِشِعْرٍ يُعْزَى إلَيْهِ، وَهُوَ هَذَا الشِّعْرُ فَقَالَ:
تَغَيَّرَتْ الْبِلَادُ وَمَنْ عَلَيْهَا ... وَوَجْهُ الْأَرْضِ مُغْبَرٌ قَبِيحُ
تَغَيَّرَ كُلُّ ذِي طَعْمٍ وَلَوْنٍ ... وَقَلَّ بَشَاشَةُ الْوَجْهِ الصُّبَيْحِ
وَبُدِّلَ أَهْلُهَا أَثْلًا وَخَمْطًا ... بِجَنَّاتٍ مِنْ الْفِرْدَوْسِ فِيحِ
وَجَاوَرَنَا عَدُوًّا لَيْسَ يُنْسَى ... لَعَيْنٌ مَا يَمُوتُ فَنَسْتَرِيحُ
قَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ أَخَاهُ ... فَوَا أَسَفًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَلِيحِ
فَمَا لِي لَا أَجُودُ بِسَكْبِ دَمْعِي ... وَهَابِيلُ تَضَمَّنَهُ الضَّرِيحُ
أَرَى طُولَ الْحَيَاةِ عَلَيَّ غَمًّا ... وَمَا أَنَا فِي حَيَاتِي مُسْتَرِيحُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute