عَلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ يُعَذِّبَهُ مِنْ أَجْلِ هِرَّةٍ إنَّمَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَعَ ذَلِكَ كَافِرَةً يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إذَا حَدَّثْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَانْظُرْ كَيْفَ تُحَدِّثُ ".
وَقَدْ أَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا «الْهِرَّةُ لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إنَّمَا هِيَ مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ» .
مَطْلَبٌ: فِي جَوَازِ قَتْلِ الْهِرَّةِ إذَا كَانَتْ مُفْسِدَةً، وَلَوْ مَمْلُوكَةً إذَا عَلِمْت هَذَا فَيُكْرَهُ قَتْلُهَا.
(إلَّا مَعَ الْأَذَى) الصَّادِرِ مِنْهَا كَأَكْلِ الطُّيُورِ وَكَفْءِ الْقُدُورِ، فَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ فِي قَتْلِهَا. وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْأَصْحَابِ فِي قَتْلِهَا قَوْلَيْنِ: الْحُرْمَةُ، وَالْكَرَاهَةُ. قَدَّمَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى الْحُرْمَةَ وَعِبَارَتُهُ: وَيَحْرُمُ قَتْلُ الْهِرِّ، وَقِيلَ يُكْرَهُ.
(وَإِنْ مُلِكَتْ) الْهِرَّةُ بِأَنْ كَانَ لَهَا مَالِكٌ (فَاحْظُرْ) أَيْ امْنَعْ مِنْ الْقَتْلِ (إذَنْ) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ مَمْلُوكَةً. قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَإِنْ مُلِكَتْ حَرُمَ قَتْلُهَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ النَّظْمِ (غَيْرَ مُفْسِدِ) مِنْهَا، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ، وَلَوْ مَمْلُوكًا قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ: وَلَهُ قَتْلُ هِرٍّ بِأَكْلِ لَحْمٍ وَنَحْوِهِ كَالْفَوَاسِقِ. وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَنَصَرَهُ الْحَارِثِيُّ حِينَ أَكْلِهَا فَقَطْ.
وَفِي الْفُرُوعِ: وَيَضْمَنُ بِاقْتِنَاءِ سِنَّوْرٍ يَأْكُلُ فِرَاخًا عَادَةً مَعَ عِلْمِهِ كَالْكَلْبِ، وَلَهُ قَتْلُهَا بِأَكْلِ لَحْمٍ وَنَحْوِهِ كَالْفَوَاسِقِ، وَفِي الْفُصُولِ حِينَ أَكْلِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِهِ كَصَائِلٍ انْتَهَى. وَالْمَذْهَبُ خِلَافُ مَا فِي التَّرْغِيبِ فَظَهَرَ أَنَّ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلَيْنِ فِي قَتْلِ الْهِرِّ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا فَيَحْرُمُ، أَوْ يَكُنْ مُفْسِدًا فَيُبَاحُ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ فَقَطْ فَقَتْلُ الْكَلْبِ أَوْلَى.
قَالَ النَّاظِمُ: وَكَذَا يَعْنِي يُبَاحُ قَتْلُهَا لَوْ كَانَ يَبُولُ عَلَى الْأَمْتِعَةِ، أَوْ يَكْسِرُ الْآنِيَةَ وَيَخْطِفُ الْأَشْيَاءَ غَالِبًا إلَّا قَلِيلًا لِمَضَرَّتِهِ، وَالْمُرَادُ بِمُلَاحَظَةِ قَيْدٍ فِي حَالَةِ الْإِفْسَادِ مِنْ الْبَوْلِ وَنَحْوِهِ إنْ اعْتَبَرْنَا ذَلِكَ، وَمَنْ تَعَدَّى بِقَتْلِهَا فَضَمَانُهَا مُخَرَّجٌ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهَا. قَدَّمَ فِي الْإِقْنَاعِ الْجَوَازَ، ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ لَا يَجُوزُ، اخْتَارَهُ فِي الْهَدْيِ، وَالْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ انْتَهَى.
وَفِي الْفُرُوعِ: وَفِي بَيْعِ هِرٍّ وَمَا يُعَلَّمُ الصَّيْدَ أَوْ يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ كَفِيلٍ وَفَهْدٍ وَبَازٍ وَصَقْرٍ وَعُقَابٍ وَشَاهِينَ وَنَحْوِهَا رِوَايَتَانِ انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute