وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيِّ قَالَ «دَخَلْت عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا بُنَيَّ أَلَا أُحَدِّثُك بِمَا سَمِعْت مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قُلْت بَلَى يَا أُمَّهْ، قَالَتْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ مَنْ أَنْفَقَ عَلَى ابْنَتَيْنِ أَوْ أُخْتَيْنِ أَوْ ذَوَاتَيْ قَرَابَةٍ يَحْتَسِبُ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا حَتَّى يُغْنِيَهُمَا اللَّهُ أَوْ يَكْفِيَهُمَا كَانَتَا لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ» .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ كَانَتْ لَهُ أُنْثَى فَلَمْ يَئِدْهَا وَلَمْ يُهِنْهَا وَلَمْ يُؤْثِرْ وَلَدَهُ - يَعْنِي الذُّكُورَ - عَلَيْهَا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ» .
قَوْلُهُ لَمْ يَئِدْهَا أَيْ لَمْ يَدْفِنْهَا حَيَّةً. وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَدْفِنُونَ الْبَنَاتِ أَحْيَاءً، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} [التكوير: ٨] . وَفِي الْبَابِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ثُمَّ إنَّ النَّاظِمَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَضَّ عَلَى الْعَفَافِ، وَرَشَّحَ ذَلِكَ بِأَنَّ مَنْ عَفَّ عَنْ مَحَارِمِ النَّاسِ عَفَّ أَهْلُهُ، وَمَنْ لَا فَلَا فَقَالَ:
مَطْلَبٌ: مَنْ عَفَّ عَنْ مَحَارِمِ النَّاسِ عَفَّ أَهْلُهُ وَمَنْ لَا فَلَا:
وَمَنْ عَفَّ تَقْوَى عَنْ مَحَارِمِ غَيْرِهِ ... يَعِفَّ أَهْله حَقًّا وَإِنْ يَزْنِ يُفْسَدْ
(وَمَنْ) أَيْ أَيُّ رَجُلٍ (عَفَّ) أَيْ لَمْ يَزْنِ، وَمِثْلُهُ مَنْ كَفَّ بَصَرَهُ (تَقْوَى) أَيْ لِأَجْلِ التَّقْوَى لَا لِخَوْفِ عَاجِلٍ فِي الدُّنْيَا وَلَا لِحِفْظِ مَنْصِبِهِ وَنَامُوسِهِ (عَنْ) الزِّنَا فِي (مَحَارِمِ) أَيْ نِسَاءِ (غَيْرِهِ) وَمِثْلُ النِّسَاءِ الذُّكُورِ بِأَنْ عَفَّ عَنْ اللِّوَاطِ فِي أَوْلَادِ غَيْرِهِ تَقْوَى (يَعِفَّ) أَيْ لَمْ يَزْنِ (أَهْلُهُ) بِإِسْقَاطِ الْهَمْزِ ضَرُورَةً مِنْ نِسَائِهِ مِنْ زَوْجَاتِهِ وَسَرَارِيِّهِ وَبَنَاتِهِ وَأَخَوَاتِهِ وَأُمَّهَاتِهِ وَنَحْوِهِنَّ حَقٌّ ذَلِكَ (حَقًّا) وَلَا تَشُكَّ فِيهِ فَإِنَّهُ وَرَدَ عَنْ الْمَعْصُومِ الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى.
فَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «عِفُّوا عَنْ نِسَاءِ النَّاسِ تَعِفَّ نِسَاؤُكُمْ، وَبِرُّوا آبَاءَكُمْ تَبَرَّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ، وَمَنْ أَتَاهُ أَخُوهُ مُتَنَصِّلًا فَلْيَقْبَلْ ذَلِكَ مُحِقًّا كَانَ أَوْ مُبْطِلًا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَرِدْ عَلَيَّ الْحَوْضَ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute