للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ) حَرْفُ شَرْطٍ جَازِمٍ (يَزْنِ) فِعْلُ الشَّرْطِ مَجْزُومٌ بِحَذْفِ الْيَاءِ (يُفْسَدْ) فِعْلُ مُضَارِعٌ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ جَوَابُ الشَّرْطِ مَجْزُومٌ وَحُرِّكَ بِالْكَسْرِ لِلْقَافِيَةِ، أَيْ وَإِنْ يَزْنِ الرَّجُلُ يُفْسَدْ فِي أَهْلِهِ، يَعْنِي يُزْنَى فِي أَهْلِهِ، لِأَنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ جَزَاءً وِفَاقًا. وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونُ مَبْنِيًّا لِلْمَعْلُومِ أَيْ يَفْسُدُ أَهْلُهُ.

وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَرْفُوعًا «عِفُّوا تَعِفَّ نِسَاؤُكُمْ. وَبِرُّوا آبَاءَكُمْ تَبَرَّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ، وَمَنْ اعْتَذَرَ إلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ مِنْ شَيْءٍ بَلَغَهُ عَنْهُ فَلَمْ يَقْبَلْ عُذْرَهُ لَمْ يَرِدْ عَلَيَّ الْحَوْضَ» وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.

وَرَوَى الْقَاسِمُ بْنُ بِشْرٍ فِي أَمَالِيهِ وَابْنُ عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا «عِفُّوا تَعِفَّ نِسَاؤُكُمْ» .

وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا» .

قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: قَالَ بَعْضُ الْعُبَّادِ: نَظَرْت امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لِي فَنَظَرَ زَوْجَتِي مَنْ لَا أُرِيدُ.

وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي صَيْدِ الْخَاطِرِ: مَا نَزَلَتْ بِي آفَةٌ وَلَا غَمٌّ وَلَا ضِيقُ صَدْرٍ إلَّا بِزَلَلٍ أَعْرِفُهُ حَتَّى يُمْكِنَنِي أَنْ أَقُولَ هَذَا بِالشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ، وَرُبَّمَا تَأَوَّلْت تَأْوِيلًا فِيهِ بُعْدٌ فَأَرَى الْعُقُوبَةَ. وَقَالَ مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ:

رَأَيْت صَلَاحَ الْمَرْءِ يُصْلِحُ أَهْلَهُ ... وَيُعْدِيهِمْ دَاءُ الْفَسَادِ إذَا فَسَدْ

وَيَشْرُفُ فِي الدُّنْيَا بِفَضْلِ صَلَاحِهِ ... وَيُحْفَظُ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي الْأَهْلِ وَالْوَلَدْ

وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ:

لَا تَلْتَمِسْ مِنْ مَسَاوِي النَّاسِ مَا سَتَرُوا ... فَيَكْشِفُ اللَّهُ سِتْرًا مِنْ مَسَاوِيكَا

وَاذْكُرْ مَحَاسِنَ مَا فِيهِمْ إذَا ذُكِرُوا ... وَلَا تَعِبْ أَحَدًا مِنْهُمْ بِمَا فِيكَا

وَاسْتَغْنِ بِاَللَّهِ عَنْ كُلٍّ فَإِنَّ بِهِ ... غِنًى لِكُلٍّ وَثِقْ بِاَللَّهِ يَكْفِيكَا

وَقَالَ آخَرُ:

يَا هَاتِكًا حُرُمَ الرِّجَالِ وَتَابِعًا ... طُرُقَ الْفَسَادِ فَأَنْتَ غَيْرُ مُكَرَّمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>