للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَفَرُهُ أَنْ يَقْدَمَ عَلَى امْرَأَتِهِ لَيْلًا بَغْتَةً، قَالَ: وَأَمَّا إذَا كَانَ سَفَرُهُ قَرِيبًا تَتَوَقَّعُ امْرَأَتُهُ إتْيَانَهُ لَيْلًا فَلَا بَأْسَ. انْتَهَى.

(تَنْبِيهَانِ) :

(الْأَوَّلُ) : اسْتَوْجَبَهُ صَاحِبُ الْآدَابِ الْكُبْرَى أَنَّ مَنْ طَرَقَ أَهْلَهُ لَيْلًا طَلَبًا لِعَثَرَاتِهِمْ وَتَتَبُّعًا لِعَوْرَاتِهِمْ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّجَسُّسِ وَالْإِكْرَاهِ.

قَالَ: وَإِنَّمَا خَصَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّيْلَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ لَا لِاخْتِصَاصِ الْحُكْمِ.

وَقَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يُؤْذِنُهُمْ بِكِتَابٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ، وَإِلَّا لَكَانَ قَالَ الْإِمَامُ يَدْخُلُ نَهَارًا وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ النَّاظِمِ، فَإِنَّ كَلَامَهُ يَشْمَلُ النَّهَارَ كَاللَّيْلِ.

(الثَّانِي) : ظَاهِرُ إطْلَاقِ كَلَامِ النَّاظِمِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ السَّفَرِ الْقَصِيرِ وَالْبَعِيدِ، بَلْ يَدُلُّ عَطْفُهُ الْبَعِيدُ عَلَى السَّفَرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الْقَصِيرُ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْعَطْفِ.

نَعَمْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْحَجَّاوِيِّ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِي السَّفَرِ الْقَرِيبِ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ وُقُوفِ الْمُسْتَأْذِنِ تِلْقَاءَ الْبَابِ

وَوَقْفَتُهُ تِلْقَاءَ بَابٍ وَكُوَّةٍ فَإِنْ لَمْ ... يُجَبْ يَمْضِي وَإِنْ يُخْفَ يَزْدَدْ

(وَ) مَكْرُوهٌ لِلْمُسْتَأْذِنِ أَيْضًا (وَقْفَتُهُ تِلْقَاءَ) أَيْ عِنْدَ (بَابِ) مُسْتَأْذَنٍ عَلَيْهِ مُقَابِلًا لَهُ،؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْذَانَ إنَّمَا شُرِعَ مِنْ أَجْلِ النَّظَرِ.

قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَلَا يُوَاجِهُ الْبَابَ فِي اسْتِئْذَانِهِ؛ لِأَنَّ «رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَامَ مُسْتَقْبِلَ الْبَابِ، فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هَكَذَا عَيْنُك وَهَكَذَا، فَإِنَّمَا الِاسْتِئْذَانُ مِنْ النَّظَرِ» . وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «إذَا دَخَلَ الْبَصَرُ فَلَا إذْنَ» حَدِيثَانِ حَسَنَانِ رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد.

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ الِاسْتِئْذَانِ فِي الْبُيُوتِ، فَقَالَ: مَنْ دَخَلَتْ عَيْنُهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَأْذِنَ وَيُسَلِّمَ فَلَا إذْنَ لَهُ، وَقَدْ عَصَى رَبَّهُ» ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>