للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَهِّزُوا صَاحِبَكُمْ فَإِنَّ الْفَرَقَ فَلَذَ كَبِدَهُ» . قَوْلُهُ فَإِنَّ الْفَرَقَ إلَخْ الْفَرَقُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ هُوَ الْخَوْفُ. وَفَلَذَ كَبِدَهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ قَطَعَهُ.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الرَّحْمَةِ مَا قَنِطَ مِنْ رَحْمَتِهِ أَحَدٌ» .

وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَخَرَجْتُمْ إلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إلَى اللَّهِ لَا تَدْرُونَ تَنْجُونَ أَوْ لَا تَنْجُونَ» قَوْلُهُ تَجْأَرُونَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ أَيْ تَضِجُّونَ وَتَسْتَغِيثُونَ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُطْبَةً مَا سَمِعْت مِثْلَهَا قَطُّ فَقَالَ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا. فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ» وَفِي رِوَايَةٍ «بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَصْحَابِهِ شَيْءٌ فَخَطَبَ فَقَالَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا. فَمَا أَتَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمٌ أَشَدَّ مِنْهُ غَطَّوْا رُءُوسَهُمْ وَلَهُمْ خَنِينٌ» قَوْلُهُ وَلَهُمْ خَنِينٌ هُوَ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا نُونٌ الْبُكَاءُ مَعَ غُنَّةٍ بِاسْتِنْشَاقِ الصَّوْتِ مِنْ الْأَنْفِ.

مَطْلَبٌ: فِي أَنَّ لِلْخَوْفِ أَسْبَابًا وَأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ

قَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَبْصِرَتِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٧٥] : الْخَوْفُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ، وَهُوَ وَاقِعٌ بِأَسْبَابٍ. فَمِنْهَا الْخَوْفُ بِسَابِقِ الذَّنْبِ، وَمِنْهَا حَذَرُ التَّقْصِيرِ فِي الْوَاجِبَاتِ، وَمِنْهَا الْخَوْفُ مِنْ السَّابِقَةِ أَنْ تَكُونَ عَلَى مَا يُكْرَهُ، وَمِنْهَا خَوْفُ الْإِجْلَالِ وَالتَّعْظِيمِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: ٥٠] وَمَنْ تَفَكَّرَ فِيمَا عَلَيْهِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>