وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ ضَيِّقَةُ الْكُمَّيْنِ، فَصَلَّى بِنَا فِيهَا لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرُهَا» .
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا وَفِي سَنَدِهِ لِينٌ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي فِي مُرُوطِ نِسَاءٍ وَكَانَتْ أَكْسِيَةٌ مِنْ صُوفٍ مِمَّا يُشْتَرَى بِالسِّتَّةِ وَالسَّبْعَةِ وَكُنَّ نِسَاؤُهُ يَتَّزِرْنَ بِهَا» وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ الْمِرْطُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ كِسَاءٌ يُؤْتَزَرُ بِهِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ تَكُونُ مِنْ صُوفٍ وَمِنْ خَزٍّ. وَقَوْلُهُمَا مُرَحَّلٌ هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةٌ أَيْ فِيهِ صُوَرُ رِحَالِ الْجَمَالِ، وَقَالَ فِي الْمَطَالِعِ: قَوْلُهُ مِرْطٌ مُرَجَّلٌ، كَذَا لِلْهَرَوِيِّ بِالْجِيمِ وَلِغَيْرِهِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مُوَشًّى بِصُوَرِ الرِّجَالِ، وَالْمَرَاجِلِ، وَقَدْ جَاءَ ثَوْبٌ مُرَاجَلٌ وَمُمَرْجَلٌ.
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَسَلَ وَجْهَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ يَحْسُرُ عَنْ ذِرَاعَيْهِ عَلَيْهِ جُبَّةٌ شَامِيَّةٌ» ، وَفِي لَفْظٍ «رُومِيَّةُ الْكُمَّيْنِ، فَذَهَبَ لِيُخْرِجَ يَدَهُ مِنْ كُمِّهَا فَضَاقَتْ فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ أَسْفَلِهَا» . قُلْت: لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ أَنَّ الْجُبَّةَ كَانَتْ مِنْ صُوفٍ، وَلَمْ يُصِبْ مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا مِنْ صُوفٍ وَعَزَا الْحَدِيثَ لِلشَّيْخَيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: فِي أَنْوَاعِ جُبَبِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا أُهْدِيَ إلَيْهِ
(تَنْبِيهَانِ) :
(الْأَوَّلُ) : «كَانَ يَلْبَسُ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُبَّةً رُومِيَّةً ضَيِّقَةَ الْكُمَّيْنِ فِي السَّفَرِ» .
رَوَى أَبُو الشَّيْخِ «عَنْ دِحْيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُبَّةً مِنْ الشَّامِ» . وَالرُّومِيَّةُ وَالشَّامِيَّةُ شَيْءٌ وَاحِدٌ،؛ لِأَنَّ الشَّامَ يَوْمَئِذٍ فِي حُكْمِ الرُّومِ. «وَكَانَ يَلْبَسُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُبَّةً كِسْرَوَانِيَّةً غَيْرَ رُومِيَّةٍ» . فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute