وَمِنْهَا الْتِمَاسُ الْفُقَرَاءِ مِمَّا لَدَيْهِ.
وَمِنْهَا لِئَلَّا تُدْفَعَ الزَّكَاةُ إلَيْهِ.
وَمِنْهَا دَفْعُ الْإِسَاءَةِ مِمَّنْ يَعْتَدِي عَلَيْهِ.
إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْفَوَائِدِ: وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ التَّوَاضُعِ وَالِانْخِفَاضِ وَالِاعْتِرَافِ بِالْمِنَّةِ لِمَنْ أَسْدَى إلَيْهِ هَذِهِ النِّعَمَ، وَالشُّكْرَ لَهُ - سُبْحَانَهُ - عَلَى مَا مَنَحَهُ مِنْ الْكَرَمِ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ الصِّدِّيقَةِ بِنْتِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَا أَنْعَمَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً فَعَلِمَ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إلَّا كَتَبَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ لَهُ - شُكْرَهَا، وَمَا عَلِمَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْ عَبْدٍ نَدَامَةً عَلَى ذَنْبٍ إلَّا غَفَرَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَشْتَرِي الثَّوْبَ بِالدِّينَارِ فَيَلْبَسُهُ فَيَحْمَدُ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - فَمَا يَبْلُغُ رُكْبَتَيْهِ حَتَّى يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ» ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: لَا يُكْرَهُ لُبْسُ الْفِرَاءِ وَلَا شِرَاؤُهَا
وَلَا بَأْسَ فِي لُبْسِ الْفِرَا وَاشْتِرَائِهَا ... جُلُودَ حَلَالٍ مَوْتُهُ لَمْ يُوَطَّدْ
(وَلَا بَأْسَ) أَيْ لَا حَرَجَ وَلَا كَرَاهَةَ (فِي لُبْسِ) الْإِنْسَانِ (لِلْفِرَاءِ) بِكَسْرِ الْفَاءِ جَمْعُ فَرْوَةٍ: اللِّبَاسُ الْمَعْرُوفُ (وَ) لَا بَأْسَ أَيْضًا (بِاشْتِرَائِهَا) لِأَنَّ مَا حَلَّ اسْتِعْمَالُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ حَلَّ شِرَاؤُهُ بِشَرْطِ كَوْنِ الْفِرَا (جُلُودَ) حَيَوَانٍ (حَلَالِ) الْأَكْلِ كَالْخَرُوفِ وَالْمَعْزِ وَالْحَوْصَلِ، وَبِشَرْطِ كَوْنِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ قَدْ ذُكِّيَ ذَكَاةً شَرْعِيَّةً؛ وَلِذَا قَالَ (مَوْتُهُ) أَيْ: مَوْتُ الْحَيَوَانِ الَّذِي الْفِرَاءُ مِنْ جِلْدِهِ (لَمْ يُوَطَّدْ) أَيْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ.
وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ انْتِفَاءُ عِلْمِ مَوْتِهِ حَتْفَ أَنْفِهِ لَا الْعِلْمُ أَنَّهُ قَدْ ذُكِّيَ.
فَإِذَا وَجَدْنَا جِلْدًا مَأْكُولَ اللَّحْمِ فَالْأَصْلُ أَنَّهُ طَاهِرٌ مَا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، أَوْ ذَكَّاهُ مَنْ لَمْ تَحِلَّ ذَكَاتُهُ لَهُ.
مَطْلَبٌ: يَمْتَنِعُ لُبْسُ جِلْدِ الثَّعْلَبِ فِي الصَّلَاةِ أَمْ لَا
؟
وَكَاللَّحْمِ الْأَوْلَى اُحْظُرَنْ جِلْدَ ثَعْلَبٍ ... وَعَنْهُ لِيُلْبَسْ وَالصَّلَاةَ بِهِ اُصْدُدْ
(وَكَاللَّحْمِ) فِي الرِّوَايَةِ (الْأَوْلَى) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُون الْوَاوِ (اُحْظُرَنْ) أَمْرٌ مُؤَكَّدٌ بِالنُّونِ الْخَفِيفَةِ أَيْ امْنَعْ (جِلْدَ ثَعْلَبٍ) كَلَحْمِهِ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُ لَحْمِهِ وَلَا لُبْسُ جِلْدِهِ.
وَالثَّعْلَبُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَسُكُونِ