الْخُنْفُسَاءِ شَدِيدُ السَّوَادِ فِي بَطْنِهِ لَوْنُ حُمْرَةٍ لِلذَّكَرِ قَرْنَانِ يُوجَدُ كَثِيرًا فِي مَرَاحِ الْبَقَرِ وَالْجَامُوسِ وَمَوَاضِعُ الرَّوْثِ يَتَوَلَّدُ غَالِبًا مِنْ أَخْثَاءِ الْبَقَرِ، وَمِنْ شَأْنِهِ جَمْعُ النَّجَاسَةِ وَادِّخَارُهَا وَمِنْ عَجِيبِ أَمْرِهِ أَنَّهُ يَمُوتُ مِنْ رِيحِ الْوَرْدِ وَرِيحِ الطِّيبِ، فَإِذَا أُعِيدَ إلَى الرَّوْثِ عَاشَ.
وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الشَّيْخِ عَبْدِ الْغَنِيِّ النَّابُلُسِيِّ: وَمِنْ أَيْنَ لِلْجُعْلَانِ تَعْبَثُ فِي الْوَرْدِ وَفِي لَامِيَّةِ ابْنِ الْوَرْدِيِّ:
أَيُّهَا الْعَائِبُ قَوْلِي عَبَثًا ... إنَّ طِيبَ الْوَرْدِ مُؤْذٍ بِالْجُعَلِ
وَفِي كَلَامِ الْمُتَنَبِّي:
كَمَا تَضُرُّ رِيَاحُ الْوَرْدِ بِالْجُعَلِ
وَلَهُ جَنَاحَانِ لَا يَكَادُ أَنْ يُرَيَانِ إلَّا إذَا طَارَ، وَلَهُ سِتَّةُ أَرْجُلٍ وَسَنَامٌ مُرْتَفِعٌ جِدًّا، وَهُوَ يَمْشِي الْقَهْقَرَى إلَى خَلْفِهِ وَهُوَ مَعَ هَذِهِ الْمِشْيَةِ يَهْتَدِي إلَى بَيْتِهِ وَيُسَمَّى الْكَبَرْتَكَ. وَإِذَا أَرَادَ الطَّيَرَانَ تَنَفَّسَ فَيَظْهَرُ جَنَاحَاهُ. وَمِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يَحْرُسُ النِّيَامَ، فَمَنْ قَامَ مِنْهُمْ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ تَبِعَهُ مِنْ شَهْوَتِهِ لِلْغَائِطِ لِأَنَّهُ قُوتُهُ. وَقَوْلُهُ يُدَهْدِهُ أَيْ يُدَحْرَجُ وَزْنُهُ وَمَعْنَاهُ.
وَفِي مُسْنَدِ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ وَالشُّعَبِ لِلْبَيْهَقِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «لَا تَفْخَرُوا بِآبَائِكُمْ الَّذِينَ مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَمَا يُدَحْرِجُ الْجُعَلُ بِأَنْفِهِ خَيْرٌ مِنْ آبَائِكُمْ الَّذِينَ مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ» .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ افْتَخَرَ عَلَى إخْوَانِهِ وَاحْتَقَرَ أَحَدًا مِنْ أَقْرَانِهِ وَأَخْدَانِهِ أَوْ سَخِرَ أَوْ اسْتَهْزَأَ بِأَحَدٍ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ بَاءَ بِالْإِثْمِ وَالْوِزْرِ الْمُبِينِ.
وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَجُوزُ احْتِقَارُهُ لِأَنَّهُ مُهَانٌ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ لِعَدَمِ انْقِيَادِهِ لِلْإِيمَانِ، فَهُوَ لِكِبْرِهِ عَنْ الْإِيمَانِ مُحْتَقَرٌ وَمُجْرِمٌ {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج: ١٨] وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَ) يُحَرِّمُ (الْكَذِبَ) لَا مُطْلَقًا بَلْ (قَيَّدَ) تَحْرِيمَهُ
مَطْلَبٌ: فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَصْلُحُ الْكَذِبُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ»
بِغَيْرِ خِدَاعٍ الْكَافِرِينَ بِحَرْبِهِمْ ... وَلِلْعِرْسِ أَوْ إصْلَاحِ أَهْلِ التَّنَكُّدِ
(بِغَيْرِ) أَحَدِ ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ:
الْأَوَّلُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ (خِدَاعِ الْكَافِرِ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْخِدَاعَ إرَادَةُ الْمَكْرُوهِ بِالْإِنْسَانِ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ، وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -