للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجَاهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنْ وَثِقَ بِهِ لَمْ يَكِلْهُ إلَى غَيْرِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَجْزِي بِالْإِحْسَانِ إحْسَانًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَجْزِي بِالصَّبْرِ نَجَاةً وَغُفْرَانًا.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَكْشِفُ حُزْنَنَا بَعْدَ كَرْبِنَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ ثِقَتُنَا حِينَ يَسُوءُ ظَنُّنَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ رَجَاؤُنَا حِينَ تَنْقَطِعُ الْحِيَلُ عَنَّا، ثُمَّ رَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا أَنَّ الْمَلِكَ الَّذِي كَانَ دَانْيَالُ فِي سُلْطَانِهِ جَاءَهُ مُنَجِّمُوهُ وَأَصْحَابُ الْعِلْمِ فَقَالُوا: إنَّهُ يُولَدُ لَيْلَةَ كَذَا، وَكَذَا غُلَامٌ يُفْسِدُ مُلْكَك، فَأَمَرَ بِقَتْلِ كُلِّ مَنْ وُلِدَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا وُلِدَ دَانْيَالُ أَلْقَتْهُ أُمُّهُ فِي أَجَمَةِ أَسَدٍ، فَبَاتَ الْأَسَدُ وَلَبْوَتُه يَلْحَسَانِهِ، فَنَجَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ حَتَّى بَلَغَ مَا بَلَغَ، وَكَانَ مَا قَدَّرَهُ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ.

ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْت فِي يَدِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى خَاتَمًا نَقْشُ فَصِّهِ أَسَدَانِ بَيْنَهُمَا رَجُلٌ، وَهُمَا يَلْحَسَانِ ذَلِكَ الرَّجُلَ، قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: هَذَا خَاتَمُ دَانْيَالَ نَقَشَ صُورَتَهُ وَصُورَةَ الْأَسَدَيْنِ يَلْحَسَانِهِ فِي فَصِّ خَاتَمِهِ؛ لِئَلَّا يَنْسَى نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ انْتَهَى.

قَالَ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ: فَلَمَّا اُبْتُلِيَ دَانْيَالُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوَّلًا وَآخِرًا بِالسِّبَاعِ جَعَلَ اللَّهُ الِاسْتِعَاذَةَ بِهِ فِي ذَلِكَ تَمْنَعُ شَرَّهَا الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ وَمِثْلُ الْأَسَدِ فِي حَالِ قَتْلِهِ فِي الْحِلِّ، وَالْحَرَمِ الْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ.

مَطْلَبٌ: يُقْتَلُ الْكَلْبُ الْعَقُورُ وَإِنَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ يَتَمَيَّزُ عَلَى الْكِلَابِ بِثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ

قَالَ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ سَيِّدُنَا عَبْدُ الْقَادِرِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِي الْغُنْيَةِ: الْكَلْبُ الْعَقُورُ يُحَرَّمُ اقْتِنَاؤُهُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَيَجِبُ قَتْلُهُ لِدَفْعِ شَرِّهِ عَنْ النَّاسِ، وَقَالَ أَبُو الْبَرَكَاتِ: الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ يَتَمَيَّزُ عَنْ بَقِيَّةِ الْكِلَابِ بِثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ: قَطْعُ الصَّلَاةِ بِمُرُورِهِ، وَتَحْرِيمُ صَيْدِهِ وَاقْتِنَائِهِ، وَجَوَازُ قَتْلِهِ. قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: الْبَهِيمُ الَّذِي لَا يُخَالِطُ سَوَادَهُ شَيْءٌ مِنْ الْبَيَاضِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ حَتَّى لَوْ كَانَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ بَيَاضٌ فَلَيْسَ بِبَهِيمِ وَلَا تُعَلَّقُ بِهِ هَذِهِ الْأَحْكَامُ، هَذَا قَوْلُ ثَعْلَبٍ، وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى بَهِيمٌ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ بَيَاضٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: «عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ، فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ» .

الطُّفْيَةُ خُوصُ الْمُقِلِّ شَبَّهَ الْخَطَّيْنِ الْأَبْيَضَيْنِ مِنْهُ بِالْخُوصَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْبَيَاضُ مِنْهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَلَيْسَ بِبَهِيمٍ رِوَايَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الِاشْتِقَاقِ وَلَمْ يَرِدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>