مَطْلَبٌ: يُكْرَهُ الْجُلُوسُ بَيْنَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ
وَيُكْرَهُ بَيْنَ الظِّلِّ وَالْحَرِّ جِلْسَةٌ ... وَنَوْمٌ عَلَى وَجْهِ الْفَتَى الْمُتَمَدِّدِ
(وَيُكْرَهُ) تَنْزِيهًا (بَيْنَ الظِّلِّ) أَصْلُ الظِّلِّ السِّتْرُ، وَمِنْهُ أَنَا فِي ظِلِّ فُلَانٍ، وَمِنْهُ ظِلُّ الْجَنَّةِ، وَظِلُّ شَجَرِهَا، وَظِلُّ اللَّيْلِ: سَوَادُهُ، وَظِلُّ الشَّمْسِ: مَا سَتَرَ الشُّخُوصَ مِنْ مَسْقَطِهَا. ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ.
قَالَ: وَالظِّلُّ يَكُونُ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ وَآخِرِهِ، وَالْفَيْءُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّهُ فَاءَ أَيْ رَجَعَ (وَ) بَيْنَ (الْحَرِّ) ضِدُّ الْبَرْدِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا: مَا قَابَلَ الظِّلَّ وَفِي نُسَخٍ: الشَّمْسُ بَدَلَ الْحَرِّ وَهُوَ أَوَّلُ (جِلْسَةٌ) مِنْ الْجُلُوسِ، وَهِيَ بِالْكَسْرِ حَالَةُ الْجَالِسِ، وَكَذَا يُكْرَهُ النَّوْمِ أَيْضًا.
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: يُكْرَهُ. الْجُلُوسُ بَيْنَ الشَّمْسِ وَالظِّلِّ.
قِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُكْرَهُ الْجُلُوسُ بَيْنَ الشَّمْسِ وَالظِّلِّ؟ قَالَ: هَذَا مَكْرُوهٌ أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ ذَا. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ: صَحَّ النَّهْيُ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْرَجَ الْإِمَامُ عَنْ أَبِي عِيَاضٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ بَيْنَ الضَّحِّ وَالظِّلِّ وَقَالَ مَجْلِسُ الشَّيْطَانِ» وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَابْنُ مَاجَهْ بِالنَّهْيِ وَحْدَهُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ.
قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: الضَّحُّ - بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ - وَهُوَ ضَوْءُ الشَّمْسِ إذَا اسْتَمْكَنَ مِنْ الْأَرْضِ، وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: هُوَ لَوْنُ الشَّمْسِ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الْفَيْءِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ «فِي الشَّمْسِ، فَقَلَصَ عَنْهُ الظِّلُّ فَصَارَ بَعْضُهُ فِي الشَّمْسِ وَبَعْضُهُ فِي الظِّلِّ فَلْيَقُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَتَابِعِيُّهُ مَجْهُولٌ. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَفْظُهُ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ بَيْنَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ» .
مَطْلَبٌ: خَيْرُ الْمَجَالِسِ مَا اُسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةُ
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا مَرْفُوعًا «إنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَيِّدًا وَإِنَّ سَيِّدَ الْمَجَالِسِ قِبَالَةَ الْقِبْلَةِ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute