للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ طَيَّبَ اللَّهُ ثَرَاهُ، وَجَعَلَ الْفِرْدَوْسَ مَأْوَاهُ، فِي كِتَابِهِ زَادِ الْمَعَادِ، فِي هَدْيِ خَيْرِ الْعِبَادِ «أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَحْمَ الْجَزُورِ وَالضَّأْنِ وَالدَّجَاجِ وَلَحْمَ الْحُبَارَى وَلَحْمَ حِمَارِ الْوَحْشِ، وَالْأَرْنَبِ وَطَعَامَ الْبَحْرِ.» قُلْت: وَكَذَا أَكَلَ لَحْمَ الْحَجَلِ. فَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَابْنُ السُّنِّيِّ وَأَبُو نُعَيْمٍ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «أُهْدِيَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَلٌ مَشْوِيٌّ فَقَالَ: اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ الْخَلْقِ إلَيْك يَأْكُلْ مَعِي هَذَا الطَّيْرَ فَجَاءَ عَلِيٌّ فَأَكَلَ مَعَهُ.

» وَكَذَا أَكَلَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ لَحْمِ شَاةٍ مِنْ الْأَرْوَى، فَقَدْ رَوَى أَبُو إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي فِي أَمَالِيهِ انْتَقَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ حَازِمٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَيْدٍ صِدْتُهُ شَاةً مِنْ الْأَرْوَى فَأَهْدَيْتهَا إلَيْهِ فَقَبِلَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَكَلَ مِنْهَا وَكَسَانِي عِمَامَةً عَدَنِيَّةً، وَقَالَ لِي: مَا اسْمُك؟ قُلْت: حَازِمٌ قَالَ: لَسْت بِحَازِمٍ وَلَكِنَّك مُطْعِمٌ» . وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَرْوَانَ الْمَالِكِيُّ الدِّينَوَرِيُّ فِي الْمُجَالَسَةِ عَنْ مَعْنِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَحْفَةٍ، أَوْ جَفْنَةٍ مَمْلُوءَةٍ مُخًّا فَقَالَ: يَا أَبَا ثَابِتٍ مَا هَذَا؟ فَقَالَ: وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَقَدْ نَحَرْت وَذَبَحْت أَرْبَعِينَ ذَاتَ كَبِدٍ فَأَحْبَبْت أَنْ أُشْبِعَك مِنْ الْمُخِّ قَالَ: فَأَكَلَ وَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْرٍ» .

قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ حَبِيبٍ: سَمِعْت أَنَّ الْخَيْزُرَانَ حُدِّثَتْ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَسَمَتْ قِسْمًا مِنْ مَالِهَا عَلَى وَلَدِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَقَالَتْ أُكَافِئُ وَلَدَ سَعْدٍ عَنْ فِعْلِهِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْت: الْخَيْزُرَانُ هِيَ أُمُّ هَارُونَ الرَّشِيدِ، وَهِيَ أَمَةٌ بَرْبَرِيَّةٌ وَلَهَا خَيْرَاتٌ رَحِمَهَا اللَّهُ تَعَالَى فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَأَمْثَالُهَا وَأَضْعَافُ أَضْعَافِهَا تُبَيِّنُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْكُلُ الطَّيِّبَاتِ وَهَذَا بَيِّنٌ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ إنَّمَا النَّهْيُ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ الِانْهِمَاكِ وَاِتِّخَاذِ اللَّذَّاتِ دَيْدَنًا كَمَا يَفْعَلُهُ الْمُتْرَفُونَ وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ أَحَبُّ الطَّعَامِ إلَيْهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الثَّرِيدَ.

مَطْلَبٌ: أَحَبُّ الطَّعَامِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الثَّرِيدُ

فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «كَانَ أَحَبُّ الطَّعَامِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الثَّرِيدَ مِنْ الْخُبْزِ وَالثَّرِيدَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>