مَطْلَبٌ: تَشْبِيكُ الْأَصَابِعِ أَقْسَامٌ.
قَالَ: وَقَسَّمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ التَّشْبِيكَ إلَى أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا إذَا كَانَ الْإِنْسَانُ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا شَكَّ فِي كَرَاهَتِهِ.
وَثَانِيهَا: إذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ مُنْتَظِرَ الصَّلَاةَ، أَوْ وَهُوَ عَامِدٌ إلَى الْمَسْجِدِ يُرِيدُهَا بَعْدَمَا تَطَهَّرَ، وَالظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ.
قُلْت: لِمَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «عَنْ مَوْلًى لِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ بَيْنَمَا أَنَا مَعَ أَبِي سَعِيدٍ، وَهُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ دَخَلْنَا الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ وَسَطَ الْمَسْجِدِ مُحْتَبِيًا مُشَبِّكًا أَصَابِعَهُ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ فَأَشَارَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَفْطِنْ الرَّجُلُ لِإِشَارَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالْتَفَتَ إلَى أَبِي سَعِيدٍ فَقَالَ إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يُشَبِّكَنَّ فَإِنَّ التَّشْبِيكَ مِنْ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَزَالُ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ» . وَلِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ «إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يُشَبِّكَنَّ بِيَدِهِ فَإِنَّهُ فِي صَلَاةٍ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ. وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَكَذَا ابْنُ حِبَّانَ.
ثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَلَيْسَ يُرِيدُ صَلَاةً أُخْرَى، وَلَا يَنْتَظِرُهَا فَلَا يُكْرَهُ لِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ.
رَابِعُهَا: فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْإِبَاحَةِ وَعَدَمِ الْكَرَاهَةِ. انْتَهَى.
قُلْت: وَكَأَنَّ مُرَادَ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ إخْرَاجُ مَا إذَا شَبَّكَهَا عَقِبَ الصَّلَاةِ - وَلَيْسَ مُنْتَظِرًا لِصَلَاةٍ أُخْرَى - مِنْ الْكَرَاهَةِ بِقَوْلِهِ عَلَى خِلَافِ مَا شَبَّكَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُرَادٌ حَسَنٌ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. .
مَطْلَبٌ: فِي أَشْيَاءَ تُكْرَهُ فِي الْمَسْجِدِ.
قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: وَيُكْرَهُ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ وَتَطْيِينُهُ بِنَجِسٍ، وَكَذَا قَالَ. وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ إمَامٍ مُدَاوَمَةُ مَوْضِعٍ مِنْهُ لَا يُصَلِّي إلَّا فِيهِ، فَإِنْ دَاوَمَ فَلَيْسَ هُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ، فَإِذَا قَامَ مِنْهُ فَلِغَيْرِهِ الْجُلُوسُ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute