وَنَقَلَ فِي الْفُرُوعِ كَرَاهَةَ تَشْبِيكِ الْأَصَابِعِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَنَّهَا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا قَدْ شَبَّكَ أَصَابِعَهُ فِي الصَّلَاةِ فَفَرَّجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَصَابِعِهِ» . وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مُشَبِّكٌ " تِلْكَ صَلَاةُ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَقَالَ مُغَلْطَاي فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ عِنْدَ تَكَلُّمِهِ عَلَى الْأَحَادِيثِ الَّتِي أَوْرَدَهَا الْبُخَارِيُّ فِي التَّشْبِيكِ: زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الَّتِي أَوْرَدَهَا الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ مُعَارِضَةٌ النَّهْيَ عَنْ التَّشْبِيكِ.
وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: إنَّ حَدِيثَ النَّهْيِ لَيْسَ مُسَاوِيًا لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي الصِّحَّةِ.
وَقَالَ الْأَكْثَرُ: حَدِيثُ النَّهْيِ مَخْصُوصٌ بِالصَّلَاةِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إنَّهُمْ لَيُنْكِرُونَ تَشْبِيكَ الْأَصَابِعِ فِي الْمَسْجِدِ، وَمَا بِهِ مِنْ بَأْسٍ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ.
قَالَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِهِ حُسْنِ التَّسْلِيكِ فِي حُكْمِ التَّشْبِيكِ: رَخَّصَ فِي التَّشْبِيكِ ابْنُ عُمَرَ وَسَالِمٌ ابْنُهُ فَكَانَا يُشَبِّكَانِ بَيْنَ أَصَابِعِهِمَا فِي الصَّلَاةِ.
قَالَ مُغَلْطَاي: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ حَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ التَّشْبِيكِ وَبَيْنَ تَشْبِيكِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَصَابِعِهِ مُعَارَضَةٌ، لِأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا وَرَدَ عَنْ فِعْلِهِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ فِي الْمُضِيِّ إلَيْهَا، وَفِعْلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلتَّشْبِيكِ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ، وَلَا فِي الْمُضِيِّ إلَيْهَا فَلَا مُعَارَضَةَ إذَنْ وَبَقِيَ كُلُّ حَدِيثٍ عَلَى حِيَالِهِ. انْتَهَى.
قَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي آخِرِ كِتَابِهِ الْمَذْكُورِ: قَالَ الزَّرْكَشِيّ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ: يَجُوزُ التَّشْبِيكُ بَيْنَ الْأَصَابِعِ فِي الْمَسْجِدِ، فَفِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَحَكَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَسَالِمٍ وَالْحَسَنِ وَغَيْرِهِمْ.
وَحَكَى كَرَاهَتَهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَكَعْبٍ.
وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي النَّهْيِ عَنْهُ إنَّمَا هِيَ لِمَنْ هُوَ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute