فَمَا فِيهِ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا أَوْ تَوَعُّدٌ ... بِأُخْرَى فَسَمِّ كُبْرَى عَلَى نَصِّ أَحْمَدَ
وَزَادَ حَفِيدُ الْمَجْدِ أَوْ جَا وَعِيدُهُ ... بِنَفْيٍ لِإِيمَانٍ وَلَعْنٍ مُبْعِدِ
(فَبِرُّهُمَا) أَيْ الْوَالِدَيْنِ وَالْبِرُّ الصِّلَةُ وَالْحَسَنَةُ وَالْخَيْرُ وَالْإِشْبَاعُ فِي الْإِحْسَانِ، فَهُوَ ضِدُّ الْعُقُوقِ. قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ.
وَفِي الْمَطَالِعِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلَى الْبِرِّ» الْبِرُّ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْخَيْرِ. قَالَ وَبِرُّ الْأَبَوَيْنِ كُلُّهُ مِنْ الصِّلَةِ وَفِعْلُ الْخَيْرِ وَالتَّوَسُّعُ فِيهِ وَاللُّطْفُ وَالطَّاعَةُ (تَبْرُرْ) أَيْ يَبَرُّك أَوْلَادُك أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ جَزَاءً لِبِرِّك وَالِدَيْك، فَإِنَّ مَنْ بَرَّ وَالِدَيْهِ بَرَّهُ أَوْلَادُهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْخَبَرِ، وَمَنْ عَقَّهُمَا عَقَّهُ أَوْلَادُهُ جَزَاءً وِفَاقًا. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ عَصَى وَالِدَيْهِ لَمْ يَنَلْ السُّرُورَ مِنْ وَلَدِهِ. وَعَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: رَأَيْت رَجُلًا يَضْرِبُ أَبَاهُ فِي مَوْضِعٍ فَقِيلَ لَهُ مَا هَذَا؟ فَقَالَ الْأَبُ: خَلُّوا عَنْهُ فَإِنِّي كُنْت أَضْرِبُ أَبِي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَابْتُلِيت بِابْنِي يَضْرِبُنِي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.
(وَتُحْمَدْ) مَجْزُومٌ فِي جَوَابِ الطَّلَبِ وَكُسِرَ لِلْقَافِيَةِ، يَعْنِي تُحْمَدُ فِي الدُّنْيَا بِحُسْنِ الثَّنَاءِ مِنْ الْخُلُقِ وَالْمَلَأِ الْأَعْلَى، وَتُحْمَدُ فِي الْآخِرَةِ لَدَى رَبِّ السَّمَوَاتِ الْعُلَى، وَتُحْمَدُ عَاقِبَةُ بِرِّك لَهُمَا فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ كَمَا حَصَلَتْ لَكَ بَرَكَتُهُ فِي الْأُولَى. قَالَ جَلَّ شَأْنُهُ {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا} [الإسراء: ٢٣] {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: ٢٤] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ. .
مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمُصْطَفَوِيَّةِ فِي بِرِّ الْوَالِدَيْنِ
وَأَمَّا الْأَخْبَارُ الْمُصْطَفَوِيَّةِ وَالْآثَارُ الْمُحَمَّدِيَّةُ فَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْضَرَ، فِي مِثْلِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ. وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ طَرَفٍ صَالِحٍ مِنْهَا.
فَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ؟ قَالَ الصَّلَاةُ فِي وَقْتِهَا. قُلْت ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ. قُلْت ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» .
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute