وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ هَلْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ أَوْ لَا تَصِحُّ؟ رِوَايَتَانِ.
وَعَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ هَلْ تُكْرَهُ أَوْ لَا؟ رِوَايَتَانِ.
قُلْت: اخْتَارَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - أَعْلَى اللَّهُ كَعْبَهُ - جَوَازَ لُبْسِهِ وَالصَّلَاةِ فِيهِ.
فَإِنَّهُ سُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ الْفِرَاءِ مِنْ جُلُودِ الْوُحُوشِ هَلْ تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا؟ فَأَجَابَ الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَمَّا جُلُودُ الْأَرْنَبِ فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا بِلَا نِزَاعٍ.
وَأَمَّا الثَّعْلَبُ فَفِيهِ نِزَاعٌ وَالْأَظْهَرُ جَوَازُ الصَّلَاةِ فِيهِ. انْتَهَى.
مَطْلَبٌ: حُكْمُ لُبْسِ جُلُودِ السَّمُّورِ وَالْفَنَكِ
وَقَدْ كَرِهَ السَّمُّورَ وَالْفَنَكَ أَحْمَدُ ... وَسِنْجَابَهُمْ وَالْقَاقِمَ أَيْضًا لِيَزْدَدْ
(وَقَدْ كَرِهَ السَّمُّورَ) مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ (وَ) كَرِهَ (الْفَنَكَ) الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أَيْ كَرِهَ لُبْسَ جُلُودِ السَّمُّورِ وَالْفَنَكِ فَأَمَّا السَّمُّورُ فَهُوَ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْمِيمِ الْمُشَدَّدَةِ الْمَضْمُومَةِ عَلَى وَزْنِ السَّفُّودِ وَالْكَلُّوبِ، حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ يُشْبِهُ السِّنَّوْرَ. وَزَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ النَّمِرُ، وَإِنَّمَا الْبُقْعَةُ الَّتِي هُوَ فِيهَا أَثَّرَتْ فِي تَغْيِيرِ لَوْنِهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّطِيفِ الْبَغْدَادِيُّ: إنَّهُ حَيَوَانٌ جَرِيءٌ لَيْسَ فِي الْحَيَوَانِ أَجْرَأُ مِنْهُ عَلَى الْإِنْسَانِ، لَا يُؤْخَذُ إلَّا بِالْحِيَلِ، وَذَلِكَ بِأَنْ تُدْفَنَ لَهُ جِيفَةٌ يُصَادُ بِهَا، وَلَحْمُهُ حُلْوٌ وَالتُّرْكُ يَأْكُلُونَهُ. قَالَ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ: وَجِلْدُهُ لَا يُدْبَغُ كَسَائِرِ الْجُلُودِ. قَالَ: وَمِنْ عَجِيبِ مَا وَقَعَ لِلنَّوَوِيِّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ أَنَّهُ قَالَ: السَّمُّورُ طَائِرٌ. قَالَ: وَلَعَلَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ، وَأَعْجَبُ مِنْهُ مَا حَكَى ابْنُ هِشَامٍ السَّبْتِيُّ فِي شَرْحِ الْفَصِيحِ أَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ الْجِنِّ. وَخُصَّ هَذَا بِاِتِّخَاذِ الْفَرْوِ مِنْ جُلُودِهِ لِلِينِهَا وَخِفَّتِهَا وَدِفَائِهَا وَحُسْنِهَا وَتَلْبَسُهُ الْمُلُوكُ وَالْأَكَابِرُ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: رَأَيْت عَلَى الشَّعْبِيِّ قَبَاءَ سَمُّورٍ.
وَأَمَّا الْفَنَكُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالنُّونِ عَلَى وَزْنِ عَسَلٍ فَدُوَيْبَّةٌ يُؤْخَذُ مِنْهَا الْفَرْوُ. قَالَ ابْنُ الْبَيْطَارِ: إنَّهُ أَطْيَبُ مِنْ جَمِيعِ الْفِرَاءِ، يُجْلَبُ كَثِيرًا مِنْ بِلَادِ الصَّقَالِبَةِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِي لَحْمِهِ حَلَاوَةٌ، وَهُوَ أَبْرَدُ مِنْ السَّمُّورِ، وَأَعْدَلُ وَأَحَرُّ مِنْ السِّنْجَابِ يَصْلُحُ لِلْأَبْدَانِ الْمُعْتَدِلَةِ. ذُكِرَ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ.
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: فِي السَّمُّورِ وَالْفَنَكِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا يَحْرُمُ. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute