للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ يَجُوزُ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا قَالَ: وَهُوَ أَظْهَرُ، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ فِي آخِرِ الْغَصْبِ فِيمَنْ كَتَبَ مِنْ مِحْبَرَةِ غَيْرِهِ يَجُوزُ فِي حَقِّ مَنْ يَنْبَسِطُ إلَيْهِ.

وَالدُّعَاءُ إلَى الْوَلِيمَةِ، أَوْ تَقْدِيمُ الطَّعَامِ إذْنٌ فِي الْأَكْلِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ فَجَاءَ مَعَ الرَّسُولِ فَذَلِكَ إذْنٌ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِيمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إذَا دُعِيتَ فَقَدْ أُذِنَ لَك. وَأَمَّا الدُّعَاءُ فَلَيْسَ إذْنًا فِي الدُّخُولِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ. جَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ، وَالْمُنْتَهَى خِلَافًا لِلْمُغْنِي. وَنُصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ صَرِيحَةٌ فِي اعْتِبَارِ الْإِذْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ مَسْحِ الْأَصَابِعِ وَالسِّكِّينِ فِي الْخُبْزِ

الْخَامِسُ: يُكْرَهُ مَسْحُ الْأَصَابِعِ وَالسِّكِّينِ فِي الْخُبْزِ. وَأَنْ يَأْكُلَ مَا انْتَفَخَ مِنْ الْخُبْزِ وَوَجْهَهُ وَيَتْرُكَ الْبَاقِيَ. قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَلَا يُحْوِجُ رَفِيقَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: كُلْ، بَلْ يَنْبَسِطُ وَلَا يَتَصَنَّعُ بِالِانْقِبَاضِ. وَلَا يَفْعَلُ مَا يَسْتَقْذِرُهُ مِنْ غَيْرِهِ، فَلَا يَنْفُضُ يَدَهُ فِي الْقَصْعَةِ، وَلَا يُقَدِّمُ رَأْسَهُ إلَيْهَا عِنْدَ وَضْعِ اللُّقْمَةِ فِي فِيهِ.

وَإِذَا خَرَجَ مِنْ فَمِهِ شَيْءٌ لِيَرْمِيَ بِهِ صَرَفَ وَجْهَهُ عَنْ الطَّعَامِ وَأَخَذَهُ بِيَسَارِهِ، وَلَا يَغْمِسُ بَقِيَّةَ اللُّقْمَةِ الَّتِي أَكَلَ مِنْهَا فِي الْمَرَقَةِ، وَلَا يَغْمِسُ اللُّقْمَةَ الدَّسِمَةَ فِي الْخَلِّ وَلَا الْخَلَّ فِي الدَّسِمَةِ فَقَدْ يَكْرَهُهُ غَيْرُهُ انْتَهَى.

وَكَذَا هَنْدَسَةُ اللُّقْمَةِ، وَهُوَ أَنْ يَقْضِمَ بِأَسْنَانِهِ بَعْضَ أَطْرَافِهَا، ثُمَّ يَضَعَهَا فِي الْإِدَامِ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ: وَمِنْ الْأَدَبِ أَنْ لَا يُكْثِرَ النَّظَرَ إلَى وُجُوهِ الْآكِلِينَ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُحْشِمُهُمْ، وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِنَا: وَغَضُّ بَصَرِهِ عَنْ جَلِيسِهِ، وَكَذَا يُكْرَهُ الْكَلَامُ بِمَا يَقْذُرُ، أَوْ يُضْحِكُ، أَوْ يُحْزِنُ.

مَطْلَبٌ: لَا يُشْرَعُ تَقْبِيلُ الْخُبْزِ

وَفِي بَعْضِ آدَابِ إحْضَارِ الطَّعَامِ لَا يُشْرَعُ تَقْبِيلُ الْخُبْزِ كَمَا جَزَمَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>