تَصَوَّفَ فَازْدَهَى بِالصُّوفِ جَهْلًا ... وَبَعْضُ النَّاسِ يَلْبَسُهُ مَجَانَهْ
يُرِيدُ مُهَانَةً وَيُرِيدُ كِبْرًا ... وَلَيْسَ الْكِبْرُ مِنْ شَأْنِ الْمَهَانَهْ
تَصَنَّعَ كَيْ يُقَالَ لَهُ أَمِينٌ ... مَا يُغْنِي التَّصَنُّعُ لِلْأَمَانَهْ
وَلَمْ يُرِدْ الْإِلَهَ بِهَا وَلَكِنْ ... أَرَادَ بِهَا الطَّرِيقَ إلَى الْخِيَانَهْ
وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ: قُلْت لِإِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ: مَا الْمُرُوءَةُ؟ قَالَ: أَمَّا فِي بَلَدِك فَالتَّقْوَى، وَأَمَّا حَيْثُ لَا تُعْرَفُ فَاللِّبَاسُ.
وَرَوَى بَقِيَّةُ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ لِبَاسَ الصُّوفِ فِي السَّفَرِ سُنَّةٌ وَفِي الْحَضَرِ بِدْعَةٌ
مَطْلَبٌ: فِي حُكْمِ لُبْسِ مَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ
(وَ) يُكْرَهُ لِبَاسٌ (وَاصِفٌ) - ذَلِكَ اللِّبَاسَ - لَوْنَ (جِلْدٍ) لِلَابِسِهِ مِنْ بَيَاضِ الْجِلْدِ وَسَوَادِهِ وَحُمْرَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ الرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةِ، وَلَوْ فِي بَيْتِهَا (لَا) يُكْرَهُ لَهَا إنْ وَصَفَ بَشَرَتَهَا (لِزَوْجٍ) لَهَا لِإِبَاحَةِ نَظَرِهِ إلَى جَمِيعِ بَدَنِهَا (وَ) كَذَا لَا يُكْرَهُ لُبْسُهَا رَقِيقًا يَصِفُ بَشَرَتَهَا لِ (سَيِّدٍ) لَهَا حَيْثُ كَانَ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا لِعَدَمِ الْمَحْذُورِ وَإِبَاحَةِ النَّظَرِ إذَنْ لِجَمِيعِ بَدَنِهَا.
وَفِي غَايَةِ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ مَرْعِيٍّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَكُرِهَ لَهُمَا يَعْنِي الذَّكَرَ، وَالْأُنْثَى لُبْسُ مَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ. وَلَهَا يَعْنِي وَكُرِهَ لِلْمَرْأَةِ لُبْسُ مَا يَصِفُ الْحَجْمَ. قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ كَغَيْرِهِ: وَيُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ مَا يَصِفُ اللِّينَ، وَالْخُشُونَةَ، وَالْحَجْمَ. وَاسْتَوْجَهَ فِي الْغَايَةِ تَحْرِيمَ لُبْسِ مَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ مُفْرَدًا انْتَهَى.
قُلْت: وَصَرَّحَ بِعَدَمِ جَوَازِ لُبْسِهِ أَبُو الْمَعَالِي كَمَا فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَكْرَهُ الرَّقِيقَ لِلْحَيِّ، وَالْمَيِّتِ.
وَإِنْ كَانَ يُبْدِي عَوْرَةً لِسِوَاهُمَا ... فَذَلِكَ مَحْظُورٌ بِغَيْرِ تَرَدُّدِ
(وَإِنْ كَانَ) اللِّبَاسُ خَفِيفًا (يُبْدِي) لِرِقَّتِهِ وَعَدَمِ سَتْرِهِ (عَوْرَةً) لِلَابِسِهِ مِنْ ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى (لِسِوَاهُمَا) يَعْنِي لِسِوَى الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ الَّذِي تَحِلُّ لَهُ (فَذَلِكَ) اللِّبَاسُ (مَحْظُورٌ) أَيْ مَمْنُوعٌ مُحَرَّمٌ عَلَى لَابِسِهِ لِعَدَمِ سَتْرِهِ لِلْعَوْرَةِ الْمَأْمُورِ بِسَتْرِهَا شَرْعًا (بِغَيْرِ تَرَدُّدٍ) أَيْ بِلَا شَكٍّ وَلَا خِلَافٍ. قَالَ فِي الشَّرْحِ: إذَا كَانَ خَفِيفًا يَصِفُ لَوْنَ الْبَشَرَةِ فَيَبِينُ مِنْ وَرَائِهِ بَيَاضُ الْجِلْدِ، أَوْ