إسْمَاعِيلَ: أَنْ اُخْرُجْ فَادْعُ بِذَلِكَ الْكَنْزِ، فَخَرَجَ إلَى أَجْيَادٍ، وَكَانَ لَا يَدْرِي مَا الدُّعَاءُ، وَالْكَنْزُ فَأَلْهَمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الدُّعَاءَ، فَلَمْ يَبْقَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَرَسٌ بِأَرْضِ الْعَرَبِ إلَّا أَجَابَتْهُ وَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَوَاصِيهَا وَتَذَلَّلَتْ لَهُ «، وَكَانَ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إلَيْهِ بَعْدَ النِّسَاءِ مِنْ الْخَيْلِ» إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وَبِالْجُمْلَةِ الْأَحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ، وَالْآثَارُ الصَّحِيحَةُ فِي الْخَيْلِ وَفَضِيلَتِهَا وَسِبَاقِهَا وَسِيَاسَتِهَا وَفَضِيلَةِ اتِّخَاذِهَا وَبَرَكَتِهَا وَالنَّفَقَةِ عَلَيْهَا وَخِدْمَتِهَا وَمَسْحِ نَوَاصِيهَا، وَالْتِمَاسِ نَسْلِهَا وَنَمَائِهَا وَالنَّهْيِ عَنْ خِصَائِهَا وَجَزِّ نَوَاصِيهَا وَأَذْنَابِهَا أَمْرٌ مَعْرُوفٌ؛ وَلِذَا قَالَ النَّاظِمُ (حَتْمًا) أَيْ حَتِّمْهُ حَتْمًا أَيْ اقْضِ بِهِ وَاحْكُمْ أَمْرَهُ وَاجْزِمْ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِقَوْلِهِ: حَتْمًا يَعْنِي لِكَوْنِ الْكَرَاهَةِ فِيهِ مُحَقَّقَةً بِخِلَافِ الذَّيْلِ، فَإِنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى الْأَشْهَرِ فِي ذَلِكَ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُكْرَهُ جَزُّ مَعْرَفَةٍ وَنَاصِيَةٍ، وَفِي جَزِّ ذَنَبِهَا رِوَايَتَانِ أَظْهَرُهُمَا يُكْرَهُ لِلْخَبَرِ، ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (لِإِضْرَارِهَا) أَيْ الدَّابَّةِ (بِهِ) أَيْ جَزِّ مَعْرَفَتِهَا وَذَيْلِهَا (لِقَطْعِك) أَنْتَ أَيْ؛ لِأَنَّك قَطَعْت (مَا) أَيْ الشَّعْرَ الَّذِي (تَدْرَأُ) أَيْ تَدْفَعُ وَتَذُبُّ (بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الشَّعْرِ (لِلْمُنَكَّدِ) أَيْ لِلشَّيْءِ الَّذِي يُنَكِّدُ عَلَيْهَا، فَإِنَّهَا إنَّمَا تَدْفَعُهُ بِذَيْلِهَا، فَإِذَا جَزَزْته فَقَدْ آذَيْتهَا بِإِزَالَتِك الَّذِي تَدْفَعُ بِهِ الْمُؤْذِيَ عَنْهَا إذْ هُوَ مِنْ أَقْوَى أَسْلِحَتِهَا وَأَوْقِيَتِهَا الدَّافِعَةِ عَنْهَا مَا يُؤْلِمُهَا وَيُنَكِّدُ عَلَيْهَا مِنْ الذُّبَابِ وَغَيْرِهِ.
وَلِذَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَمَّا أَذْنَابُهَا، فَإِنَّهَا مَذَابُّهَا أَيْ الَّتِي تَذُبُّ بِهَا عَنْهَا نَحْوَ الذُّبَابِ، وَأَمَّا أَعْرَافُهَا، فَإِنَّهَا أَدِفَاؤُهَا الَّتِي يَحْصُلُ لَهَا بِهَا الدِّفْءُ وَيُدْفَعُ عَنْهَا بِهَا أَلَمُ الْبَرْدِ» . قَالَ فِي الْقَامُوسِ الدِّفْءُ بِالْكَسْرِ وَيُحَرَّكُ نَقِيضُ حِدَّةِ الْبَرْدِ كَالدَّفَّاءَةِ، وَجَمْعُهُ أَدْفَاءٌ يُقَالُ دَفِيءَ كَفَرِحَ وَكَرُمَ وَتَدَفَّأَ وَاسْتَدْفَأَ وَأَدْفَأَهُ أَلْبَسَهُ الدِّفَاءَ لِمَا يُدْفِئُهُ.
مَطْلَبٌ: فِيمَا يَجُوزُ خِصَاؤُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ
وَفِيمَا سِوَى الْأَغْنَامِ قَدْ كَرِهُوا الْخِصَا ... لِتَعْذِيبِهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِمُسْنَدِ
(وَفِيمَا) أَيْ حَيَوَانٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ فَيُحَرَّمُ كَمَا نُبَيِّنُهُ (سِوَى الْأَغْنَامِ) جَمْعُ غَنَمٍ، وَهِيَ الشَّاةُ لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْغَنَمُ اسْمٌ يُؤَنَّثُ يُوضَعُ لِلْجِنْسِ يَقَعُ عَلَى الذُّكُورِ، وَالْإِنَاثِ، وَإِذَا صَغَّرْتهَا لَحِقَتْهَا الْهَاءُ فَقُلْت غُنَيْمَةٌ؛ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute