أَسْمَاءَ الْجُمُوعِ الَّتِي لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا إذَا كَانَتْ لِغَيْرِ الْآدَمِيِّينَ، فَالتَّأْنِيثُ لَهَا لَازِمٌ يُقَالُ لَهَا خَمْسٌ مِنْ الْغَنَمِ ذُكُورٌ فَتُؤَنِّثُ الْعَدَدَ، وَإِنْ عَنَيْت الْكِبَاشَ إذَا كَانَ ثَلَاثَةً مِنْ الْغَنَمِ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ يَجْرِي فِي تَذْكِيرِهِ وَتَأْنِيثِهِ عَلَى اللَّفْظِ لَا عَلَى الْمَعْنَى، وَالْإِبِلُ كَالْغَنَمِ فِيمَا ذَكَرْنَا (قَدْ كَرِهُوا) أَيْ مَشَايِخُ الْمَذْهَبِ (الْخِصَا لِتَعْذِيبِهِ) أَيْ الْمَخْصِيِّ أَيْ عِلَّةُ الْكَرَاهَةِ تَعْذِيبُ الْحَيَوَانِ (الْمَنْهِيِّ) مِنْ حَضْرَةِ الرِّسَالَةِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ التَّعْذِيبِ (بِمُسْنَدِ) الْأَخْبَارِ عَنْ النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ» وَفِي رِوَايَةٍ «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ اتَّخَذَ شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا» .
وَهَذَا النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ لِلْحَيَوَانِ وَإِتْلَافٌ لِنَفْسِهِ وَتَضْيِيعٌ لِمَالِيَّتِهِ وَتَفْوِيتٌ لِذَكَاتِهِ إنْ كَانَ يُذَكَّى أَوْ لِمَنْفَعَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ يُذَكَّى بِخِلَافِ الْخِصَاءِ، فَإِنَّهُ لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ فَلَا يُحَرَّمُ وَلِأَنَّ ذَبْحَ الْحَيَوَانِ تَعْذِيبٌ لَهُ، وَهُوَ مُبَاحٌ لِمَصْلَحَةِ الْأَكْلِ وَنَحْوِهَا.
نَعَمْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ إخْصَاءِ الْخَيْلِ، وَالْبَهَائِمِ» قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ خِصَاءَ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَالْعَبِيدِ وَغَيْرِهِمْ فِي غَيْرِ الْقِصَاصِ وَالتَّمْثِيلَ بِهِمْ حَرَامٌ. وَفِي الْإِقْنَاعِ، وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا وَيُكْرَهُ خِصَاءُ غَيْرِ غَنَمٍ وَدُيُوكٍ.
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: يُبَاحُ خِصَاءُ الْغَنَمِ لِمَا فِيهِ مِنْ إصْلَاحِ لَحْمِهَا، وَهَذَا الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ، وَالْمَنْصُوصُ عَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَرَاهَةُ الْخِصَاءِ مِنْ غَنَمٍ وَغَيْرِهَا إلَّا خَوْفَ غَضَاضَةٍ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي الرَّجُلُ أَنْ يَخْصِيَ شَيْئًا، وَإِنَّمَا أَكْرَهُ ذَلِكَ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ عَنْ إيلَامِ الْحَيَوَانِ، وَالشَّدْخُ فِي الْخِصَاءِ أَهْوَنُ مِنْ الْجُبِّ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَجُوزُ إخْصَاءُ الْبَهَائِمِ وَلَا كَيُّهَا بِالنَّارِ لِلْوَسْمِ، وَيَجُوزُ لِلْمُدَاوَاةِ حَسْبَمَا أَجَزْنَا فِي حَقِّ النَّاسِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ ذَلِكَ وَخَزْمَهَا فِي أَنْفِهَا لِقَصْدِ الْمُثْلَةِ إثْمٌ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ جَازَ قَالَ: وَأَمَّا فِعْلُ ذَلِكَ فِي الْآدَمِيِّينَ فَيَحْصُلُ بِهِ الْفِسْقُ.
وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ قَوْلَ ابْنِ عَقِيلٍ الْأَوَّلَ، وَقَالَ: فَعَلَى قَوْلِهِ لَا يَجُوزُ وَسْمُهَا بِحَالٍ، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute