للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْإِمَامُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِمَا قَدَّمْنَا بِهِ فِي آدَابِ الْمَسَاجِدِ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ وَاضِعًا إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الرَّجُلِ يَسْتَلْقِي وَيَضَعُ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ قَدْ رُوِيَ.

وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَأْمَنُ انْكِشَافَ الْعَوْرَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَعَدَمُهَا فِي حَقِّ مَنْ أَمِنَ ذَلِكَ كَمَنْ لَهُ سَرَاوِيلُ. وَيُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ نَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.

وَأَمَّا لَوْ وَضَعَ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى أَوْ اسْتَلْقَى، وَلَمْ يَضَعْ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى فَلَا كَرَاهَةَ. وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا حَيْثُ اجْتَمَعَ الِاسْتِلْقَاءُ وَوَضْعُ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى لَكِنَّ عِبَارَةَ الْإِقْنَاعِ صَرِيحَةٌ فِي كَرَاهَةِ نَوْمِهِ عَلَى قَفَاهُ إنْ خَافَ انْكِشَافَ عَوْرَتِهِ، وَعِبَارَتُهُ: وَيُكْرَهُ نَوْمُهُ عَلَى بَطْنِهِ، وَعَلَى قَفَاهُ إنْ خَافَ انْكِشَافَ عَوْرَتِهِ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ وَتَحْتَ السَّمَاءِ مُتَجَرِّدًا. انْتَهَى.

وَفِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ لِلْإِمَامِ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْقَيِّمِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي حَلَفَ عَلَيْهَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَسُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ تَسْتَلْقِي عَلَى قَفَاهَا وَتَنَامُ يُكْرَهُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: إيْ وَاَللَّهِ.

وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَرِهَهُ. وَرَوَاهُ الْخَلَّالُ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ. وَكَانَ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِ مَظِنَّةَ انْكِشَافِ الْعَوْرَةِ أَقْرَبَ لِوُصُولِ الْأَمْرِ الْفَظِيعِ إلَيْهَا، وَهُوَ وَسِيلَةٌ لِلطَّمَعِ فِيهَا، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

مَطْلَبٌ: نَوْمُ الْقَائِلَةِ

مُسْتَحَبٌّ.

(تَتِمَّةٌ) :

الْقَائِلَةُ نِصْفُ النَّهَارِ مُسْتَحَبٌّ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: كَانَ أَبِي يَنَامُ نِصْفَ النَّهَارِ شِتَاءً كَانَ أَوْ صَيْفًا لَا يَدَعُهَا، وَيَأْخُذُنِي بِهَا، وَيَقُولُ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: قِيلُوا فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَا تَقِيلُ. قُلْت وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا، وَلَمْ يَزِدْ فِي التَّمْيِيزِ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ فِي تَسْهِيلِ السَّبِيلِ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقِيلَ ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْعَلْقَمِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: بِجَانِبِهِ عَلَامَةُ الْحَسَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>