نَرَى أَنْ تَلْبَسَهَا يَكْبِتُ اللَّهُ بِهَا عَدُوَّك وَيُسَرُّ الْمُسْلِمُونَ، فَلَبِسَهَا وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَ وَكَانَ جَمِيلًا يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ فِيهَا، ثُمَّ نَزَلَ فَخَلَعَهَا فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ جَعْفَرٌ وَهَبَهَا لَهُ» . .
مَطْلَبٌ: فِي اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي نِسْبَةِ الصُّوفِيَّةِ
(الثَّانِي) : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي نِسْبَةِ الصُّوفِيَّةِ لِمَاذَا؟ فَقِيلَ: لِلُبْسِهِمْ الصُّوفَ لِاخْتِيَارِهِمْ الْفَقْرَ. وَقَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ تَلْبِيسِ إبْلِيسَ: نُسِبَتْ الصُّوفِيَّةُ إلَى صُوفَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ انْفَرَدَ بِخِدْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ صُوفَةُ، وَاسْمُهُ الْغَوْثُ بْنُ مَرْصُوفَةَ فَنُسِبُوا إلَيْهِ لِمُشَابِهَتِهِمْ إيَّاهُ فِي الِانْقِطَاعِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ رَوَى بِسَنَدِهِ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْغَنِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الْحَافِظِ قَالَ: سَأَلْت وَلِيدَ بْنَ قَاسِمٍ إلَى أَيِّ شَيْءٍ يُنْسَبُ الصُّوفِيَّةُ؟ فَقَالَ: كَانَ قَوْمٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُقَالُ لَهُمْ صُوفَةُ انْقَطَعُوا إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَقَطَنُوا عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَمَنْ تَشَبَّهَ بِهِمْ فَهُوَ الصُّوفِيُّ.
وَقِيلَ عَلَى الْأَوَّلِ إنَّمَا سُمِّيَ الْغَوْثُ بْنُ مَرْصُوفَةَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَعِيشُ لِأُمِّهِ أَوْلَادٌ، فَنَذَرَتْ لَئِنْ عَاشَ لَهَا وَلَدٌ لَتُعَلِّقَنَّهُ بِرَأْسِهِ وَلَتَجْعَلَنَّهُ رَبِيطًا بِالْكَعْبَةِ، فَفَعَلَتْ فَقِيلَ لَهُ صُوفَةُ وَلِوَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُمْ مَنْسُوبُونَ لِأَهْلِ الصُّفَّةِ، وَهِيَ سَقِيفَةٌ اتَّخَذَهَا ضُعَفَاءُ الصَّحَابَةِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ حَيٌّ يُقَالُ لَهُمْ صُوفَةُ يَخْدُمُونَ الْكَعْبَةَ فَقِيلَ الصُّوفَةُ نِسْبَةٌ لَهُمْ يَعْنِي أَنَّ أَهْلَ الصُّفَّةِ لَزِمُوا الْقُطُونَ فِي الْمَسْجِدِ الشَّرِيفِ كَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَزِمُوا الْمُقَامَ لِخِدْمَةِ الْكَعْبَةِ. وَقِيلَ لِتَجَمُّعِهِمْ كَمَا يَتَجَمَّعُ الصُّوفُ، وَقِيلَ لِخُشُوعِهِمْ كَصُوفَةٍ مَطْرُوحَةٍ، أَوْ لِلِينِهِمْ كَالصُّوفَةِ. وَقِيلَ إنَّهُ مِنْ صَفَاءِ قُلُوبِهِمْ، أَوْ مِنْ الْمُصَافَاةِ، وَصَحَّحَ هَذَا الْقَوْلَ السَّبْتِيُّ فَقَالَ:
تَخَالَفَ النَّاسُ فِي الصُّوفِيِّ وَاخْتَلَفُوا ... جَهْلًا فَظَنُّوهُ مُشْتَقًّا مِنْ الصُّوفِ
وَلَسْت أَنْحَلُ هَذَا الِاسْمَ غَيْرَ فَتًى ... صَافَى فَصُوفِيَ حَتَّى سُمِّيَ الصُّوفِيَّ
مَطْلَبٌ: فِي حُكْمِ لُبْسِ الْقَبَاءِ
(وَلَا) بِلُبْسِ (الْقَبَاءِ) ، وَهُوَ بِالْمَدِّ وَقَصَرَهُ النَّاظِمُ ضَرُورَةً. قَالَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute