قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فَالرَّجُلُ يُدْعَى فَيَرَى سِتْرًا عَلَيْهِ تَصَاوِيرُ، قَالَ لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ. قُلْت قَدْ نَظَرْت إلَيْهِ كَيْفَ أَصْنَعُ أَهْتِكُهُ؟ قَالَ: لَا يُحْرَقُ شَيْءُ النَّاسِ، وَلَكِنْ إنْ أَمْكَنَك خَلْعُهُ خَلَعْته. قُلْت فَالرَّجُلُ يَكْتَرِي الْبَيْتَ فِيهِ تَصَاوِيرُ تَرَى أَنْ أَحُكَّ الرَّأْسَ؟ قَالَ نَعَمْ، وَهَذَا الْحَكُّ إذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ، وَأَمَّا فِي سِتْرٍ وَثِيَابٍ فَلَا يُتْلِفُهَا.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ: وَسُئِلَ هَلْ يَجُوزُ تَخْرِيقُ الثِّيَابِ الَّتِي عَلَيْهَا الصُّوَرُ؟ قَالَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مَفَارِشَ بِخِلَافِ غَيْرِهَا. انْتَهَى.
وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا اتَّخَذَتْ ذَاكَ السِّتْرَ مِخَدَّةً أَوْ مِخَدَّتَيْنِ. فَإِذَا كَانَ عَلَى نَحْوِ بِسَاطٍ يُفْرَشُ وَيُدَاسُ، أَوْ مَخَادٍّ تُوضَعُ وَيُجْلَسُ عَلَيْهَا فَلَا حُرْمَةَ. نَعَمْ التَّصْوِيرُ حَرَامٌ وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ كَمَا فِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ.
وَتَأْتِي لَهُ تَتِمَّةٌ فِي آدَابِ اللِّبَاسِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. .
(وَلَا) غُرْمَ أَيْضًا فِي (آلَةِ) وَهِيَ فِي اللُّغَةِ مَا عُمِلَتْ بِهِ مِنْ آلَاتِ الْبِنَاءِ مَثَلًا نَحْوُ خَشَبٍ وَأَحْجَارٍ وَآجُرٍّ وَعَمَلِ الْخَيْمَةِ وَالْجَمْعُ آلَاتٌ (الدَّدِ) أَيْ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَالصِّحَاحِ، تَقُولُ هَذَا دَدٌ وَدَدًا كَقَفًا وَدَدَنٍ. وَفِي حَدِيثٍ «مَا أَنَا دَدٌ وَلَا الدَّدُ مِنِّي» قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: لَهُ كَسْرُ آلَةِ اللَّهْوِ وَصُوَرِ الْخَيَالِ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَآلَاتُ اللَّهْوِ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا وَلَا الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ. قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ كَغَيْرِهِ: وَمَنْ أَتْلَفَ أَوْ كَسَرَ مِزْمَارًا أَوْ طُنْبُورًا أَوْ صَلِيبًا أَوْ كَسَرَ إنَاءَ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ إنَاءً فِيهِ خَمْرٌ مَأْمُورٌ بِإِرَاقَتِهَا وَلَوْ قَدَرَ عَلَى إرَاقَتِهَا بِدُونِهِ أَوْ آلَةَ لَهْوٍ وَلَوْ مَعَ صَغِيرٍ كَعُودٍ وَطَبْلٍ وَدُفٍّ بِصُنُوجٍ أَوْ حِلَقٍ أَوْ نَرْدٍ أَوْ شِطْرَنْجٍ أَوْ صُوَرَ خَيَالٍ أَوْ أَوْثَانٍ، وَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ فِي النَّظْمِ، لَمْ يَضْمَنْ فِي الْجَمِيعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِ (إغَاثَةِ اللَّهْفَانِ مِنْ مَكَائِدِ الشَّيْطَانِ) : وَنَصَّ يَعْنِي الْإِمَامَ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى كَسْرِ آلَاتِ اللَّهْوِ كَالطُّنْبُورِ وَغَيْرِهِ إذَا رَآهَا مَكْشُوفَةً وَأَمْكَنَهُ كَسْرُهَا. وَعَنْهُ فِي كَسْرِهَا إذَا كَانَتْ مُغَطَّاةً تَحْتَ ثِيَابِهِ وَعَلِمَ بِهَا رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ. وَقَدْ عَلِمْت فِي كَلَامِ صَاحِبِ الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ الْإِطْلَاقَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute