للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ هُنَا بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْكَافِ.

قَالَ فِي الصِّحَاحِ: وَهُوَ مَنْبَتُ الْعَانَةِ.

وَفِي الْقَامُوسِ: الْعَانَةُ أَوْ مَنْبَتُهَا وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - حَلْقُ الْعَانَةِ، كَأَنَّهُ لَمَّا أَمَرَهُمْ بِأَنْ يَخْشَوْشِنُوا قَالَ: وَمَعَ ذَلِكَ احْلِقُوا الْعَانَةَ.

قَالَ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

قُلْت: وَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَاقْطَعُوا الرَّكَبَ وَانْزُوا أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّكَبِ مَا يُرْكَبُ فِيهِ.

قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالرُّكُبُ كَكُتُبٍ جَمْعُ رِكَابَاتٍ، وَرَكَائِبُ مِنْ السَّرْجِ كَالْغَرْزِ مِنْ الرَّحْلِ.

وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ فِي تَفْسِيرِ وَانْزُوا أَيْ ثِبُوا وَثْبًا.

وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ قَرِيبًا عِنْدَ قَوْلِ النَّاظِمِ: وَسِرْ حَافِيًا أَوْ حَاذِيًا إلَخْ.

وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ قَالَ إيَّاكَ وَالتَّنَعُّمَ فَإِنَّ عِبَادَ اللَّهِ لَيْسُوا بِالْمُتَنَعِّمِينَ» .

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: قَالَ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ: الْآفَةُ فِي التَّنَعُّمِ مِنْ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُشْتَغِلَ بِهِ لَا يَكَادُ يُوفِي التَّكْلِيفَ حَقَّهُ.

الثَّانِي: أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْأَكْلُ يُورِثُ الْكَسَلَ وَالْغَفْلَةَ وَالْبَطَرَ وَالْمَرَحَ.

وَمِنْ اللِّبَاسِ يُوجِبُ لِينَ الْبَدَنِ فَيَضْعُفُ عَنْ عَمَلٍ شَاقٍّ، وَيَضُمُّ ضِمْنَهُ الْخُيَلَاءَ.

وَمِنْ النِّكَاحِ يَضْعُفُ عَنْ أَدَاءِ اللَّوَازِمِ.

الثَّالِثُ: أَنَّ مَنْ أَلِفَهُ صَعُبَ عَلَيْهِ فِرَاقُهُ فَيُفْنِي زَمَنَهُ فِي اكْتِسَابِهِ، خُصُوصًا فِي النِّكَاحِ، فَإِنَّ الْمُتَنَعِّمَةَ بِهِ تَحْتَاجُ إلَى أَضْعَافِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ غَيْرُهَا.

قَالَ: وَالْإِشَارَةُ بِزِيِّ أَهْلِ الشِّرْكِ مَا يَنْفَرِدُونَ بِهِ.

فَنَهَى عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

فَإِنْ قُلْت: قَدْ كَرِهَ النَّاظِمُ لِلْغَنِيِّ لُبْسَ الرَّدِيءِ، وَهُنَا نَدَبَ إلَى الرِّضَا بِاللِّبَاسِ الْأَدْنَى، فَهَلْ هَذَا إلَّا تَدَافُعٌ؟ قُلْت: لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ مُرَادُهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِنِعْمَةٍ أَحَبَّ أَنْ يَرَى عَلَيْهِ أَثَرَ نِعْمَتِهِ لِمَا أَسْلَفْنَا مِنْ الْفَوَائِدِ، فَلَا يَلْبَسُ لُبْسَ الْفُقَرَاءِ، وَلَكِنْ لِيَتَوَسَّطْ فِي مَلْبَسِهِ، أَوْ يَكُونُ لُبْسُهُ ثِيَابَ التَّجَمُّلِ أَحْيَانًا بِنِيَّةِ إظْهَارِ أَثَرِ نِعَمِ الْبَارِي جَلَّ شَأْنُهُ، فَمَا يَنْفَكُّ عَنْ عِبَادَتِهِ مَا دَامَ مُلَاحِظًا لِذَلِكَ.

وَهُنَا أَرَادَ أَنَّ مَنْ يَرْضَى بِالْأَدْنَى عَنْ الْأَعْلَى تَوَاضُعًا لِلَّهِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>