للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الدُّنْيَا إنِّي لَأَعْجَبُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُحَدِّثِينَ وَحِرْصِهِمْ عَلَى الدُّنْيَا.

قَالَ: وَذَكَرْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَجُلًا مِنْ الْمُحَدِّثِينَ فَقَالَ: إنَّمَا أَنْكَرْت عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ زِيُّهُ زِيَّ النُّسَّاكِ.

وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: قَالَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ: مَنْ لَمْ يَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّهِ تَقَطَّعَتْ نَفْسُهُ حَسَرَاتٍ عَلَى الدُّنْيَا.

وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: كَتَبَ إلَيْنَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَا عُتْبَةَ بْنَ فَرْقَدٍ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَدِّك وَلَا مِنْ كَدِّ أَبِيك وَلَا كَدِّ أُمِّك فَأَشْبِعْ الْمُسْلِمِينَ فِي رِحَالِهِمْ مِمَّا تَشْبَعُ مِنْهُ فِي رَحْلِك، وَإِيَّاكَ وَالتَّنَعُّمَ وَزِيَّ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَلُبُوسَ الْحَرِيرِ وَهُوَ فِي مُسْنَدِ أَبِي عَوَانَةَ الْإسْفَرايِينِيّ وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا فِي الْفُرُوعِ: أَمَّا بَعْدُ فَاتَّزِرُوا وَارْتَدُوا، وَأَلْقُوا الْخِفَافَ وَالسَّرَاوِيلَاتِ، وَعَلَيْكُمْ بِلِبَاسِ أَبِيكُمْ إسْمَاعِيلَ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ وَزِيَّ الْأَعَاجِمِ وَعَلَيْكُمْ بِالشَّمْسِ فَإِنَّهَا حَمَّامُ الْعَرَبِ، وَتَمَعْدَدُوا، وَاخْشَوْشِنُوا، وَاخْلَوْلِقُوا، وَاقْطَعُوا الرَّكَبَ وَانْزُوا وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ.

وَبَيَّنَ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ سَبَبَ قَوْلِ عُمَرَ ذَلِكَ.

فَعِنْدَهُ فِي أَوَّلِهِ أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ فَرْقَدٍ بَعَثَ إلَى عُمَرَ مَعَ غُلَامٍ لَهُ بِسِلَالٍ فِيهَا خَبِيصٌ عَلَيْهَا اللُّبُودُ، فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ قَالَ: أَيَشْبَعُ الْمُسْلِمُونَ فِي رِحَالِهِمْ مِنْ هَذَا؟ قَالَ: لَا قَالَ عُمَرُ: لَا أُرِيدُهُ، وَكَتَبَ إلَى عُتْبَةَ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَدِّك الْحَدِيثَ.

قَالَ زِيُّ - بِكَسْرِ الزَّايِ - وَلَبُوسِ - بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّ الْبَاءِ.

وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: وَأَلْقُوا الرَّكَبَ وَانْزُوا وَارْتَدُوا، وَعَلَيْكُمْ بِالْمُعَدِّيَةِ، وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ، وَذَرُوا التَّنَعُّمَ وَزِيَّ الْعَجَمِ.

فَقَوْلُهُ: وَانْزُوَا أَيْ ثِبُوا وَثْبًا.

وَالْمُعَدِّيَةُ أَيْ اللُّبْسَةُ الْخَشِنَةُ نِسْبَةً إلَى مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ وَهِيَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: تَمَعْدَدُوا، وَلِذَا قَالَ فِي الصِّحَاحِ: أَيْ تَشَبَّهُوا بِعَيْشِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ، وَكَانُوا أَهْلَ قَشَفٍ وَغِلَظٍ فِي الْمَعَاشِ.

يَقُولُ فَكُونُوا مِثْلَهُمْ وَدَعُوا التَّنَعُّمَ وَزِيَّ الْعَجَمِ.

قَالَ: وَهَكَذَا هُوَ فِي حَدِيثٍ لَهُ آخَرَ: عَلَيْكُمْ بِاللُّبْسَةِ الْمُعَدِّيَةِ.

وَفِي هَامِشِ الْفُرُوعِ مِنْ خَطِّ الشِّهَابِ الْفَتُوحِيِّ فِي قَوْلِهِ: وَاقْطَعُوا الرَّكَبَ: الظَّاهِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>