للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، وَالْعَقْعَقُ كَجَعْفَرٍ طَائِرٌ نَحْوُ الْحَمَامَةِ طَوِيلُ الذَّنَبِ فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْغِرْبَانِ وَيُسَمَّى الْقَاقُ، وَالْعَرَبُ تَتَشَاءَمُ بِهِ انْتَهَى.

وَفِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ الْعَقْعَقُ كَثَعْلَبٍ وَيُسَمَّى كُنْدُشًا بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَصَوْتُهُ الْعَقْعَقَةُ، وَهُوَ طَائِرٌ عَلَى قَدْرِ الْحَمَامَةِ عَلَى شَكْلِ الْغُرَابِ، وَجَنَاحَاهُ أَكْبَرُ مِنْ جَنَاحَيْ الْحَمَامَةِ، وَهُوَ ذُو لَوْنَيْنِ أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ طَوِيلُ الذَّنَبِ، وَيُقَالُ لَهُ الْقُعْقُعُ أَيْضًا، وَهُوَ لَا يَأْوِي تَحْتَ سَقْفٍ وَلَا يَسْتَظِلُّ بِهِ وَيُوصَفُ بِالسَّرِقَةِ، وَالْخُبْثِ، وَالْعَرَبُ تَضْرِبُ بِهِ الْمَثَل فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. قَالَ شَاعِرُهُمْ:

إذَا بَارَكَ اللَّهُ فِي طَائِرٍ ... فَلَا بَارَكَ اللَّهُ فِي الْعَقْعَقِ

قَصِيرُ الْجَنَاحِ طَوِيلُ الذِّنَابِ ... مَتَى مَا يَجِدْ غَفْلَةً يَسْرِقْ

يُقَلِّبُ عَيْنَيْنِ فِي رَأْسِهِ ... كَأَنَّهُمَا قَطْرَتَا زِئْبَقِ

وَمِنْهَا الْأَكْحَلُ، وَالْأَوْرَقُ، وَالْغُرَابُ الْأَعْصَمُ عَزِيزُ الْوُجُودِ قَالَتْ الْعَرَبُ: أَعَزُّ مِنْ الْغُرَابِ الْأَعْصَمِ، وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَثَلُ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ مِنْ النِّسَاءِ كَمَثَلِ الْغُرَابِ الْأَعْصَمِ فِي مِائَةِ غُرَابٍ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ.

وَفِي رِوَايَةٍ «قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْغُرَابُ الْأَعْصَمُ قَالَ: الَّذِي إحْدَى رِجْلَيْهِ بَيْضَاءُ» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالْحَاكِمُ فِي آخِرِ مُسْتَدْرَكِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَإِذَا بِغِرْبَانٍ كَثِيرَةٍ فِيهَا غُرَابٌ أَعْصَمُ أَحْمَرُ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلَيْنِ فَقَالَ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ النِّسَاءِ إلَّا مِثْلُ هَذَا الْغُرَابِ فِي هَذِهِ الْغِرْبَانِ» وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ: الْأَعْصَمُ الْأَبْيَضُ الْبَطْنِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْأَعْصَمُ الْأَبْيَضُ الْجَنَاحَيْنِ وَقِيلَ: أَبْيَضُ الرِّجْلَيْنِ أَرَادَ قِلَّةَ الصَّالِحَةِ فِي النِّسَاءِ وَقِلَّةَ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْهُنَّ. وَفِيهِ بَحْثٌ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي كِتَابِي الْبُحُورِ الزَّاخِرَةِ فِي عُلُومِ الْآخِرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَ) يَحْسُنُ فِي الْحِلِّ، وَالْحَرَمِ لِلْحَلَالِ، وَالْمُحْرِمِ قَتْلُ (شِبْهِهَا) أَيْ شِبْهِ الْغِرْبَانِ كَالْحِدَأَةِ وَاللَّقْلَقِ، وَهُوَ طَائِرٌ نَحْوُ الْإِوَزَّةِ طَوِيلُ الْعُنُقِ يَأْكُلُ الْحَيَّاتِ وَمِثْلُ ذَلِكَ النَّيْصُ، وَالْقُنْفُذُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَبِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنْهُ فَقَرَأَ {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: ١٤٥] الْآيَةَ فَقَالَ شَيْخٌ عِنْدَهُ: سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ: «ذُكِرَ الْقُنْفُذُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: خَبِيثٌ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>