لَا تَزَيَّدْ) لَا نَاهِيَةٌ وَتَزَيَّدْ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ مَجْزُومٍ بِهَا وَكُسِرَ لِلْقَافِيَةِ. فَلَيْسَ لِلْحُرِّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَرْبَعِ نِسْوَةٍ إلَّا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَلَهُ أَنْ يَتَسَرَّى بِمَا شَاءَ مِنْ الْإِمَاءِ وَلَوْ كِتَابِيَّاتٍ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ. وَكَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَيِّ عَدَدٍ شَاءَ وَنُسِخَ تَحْرِيمُ الْمَنْعِ. وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَجْمَعَ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ، وَلَيْسَ لَهُ التَّسَرِّي وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ. وَلِمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ فَأَكْثَرُ نِكَاحُ ثَلَاثَةٍ نَصًّا.
قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى وَاحِدَةٍ إنْ حَصَلَ بِهَا الْإِعْفَافُ، وَكُلُّ هَذَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا} [النساء: ٣] . قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَقْرَبُ مِنْ أَنْ لَا تَمِيلُوا. يُقَالُ عَالَ الْمِيزَانُ إذَا مَالَ، وَعَالَ الْحَكَمُ إذَا جَارَ، وَعَوْلُ الْفَرِيضَةِ الْمَيْلُ عَنْ حَدِّ السِّهَامِ الْمُسَمَّاةِ.
وَفُسِّرَ بِأَنْ لَا يَكْثُرَ عِيَالُكُمْ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ كَثْرَةَ النِّسَاءِ مَظِنَّةُ الْمَيْلِ عَنْ حَدِّ الِاسْتِقَامَةِ وَالْجَوْرُ فِي الْقَسْمِ بَيْنُهُنَّ وَعَدَمُ السَّلَامَةِ.
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَتَكَلَّمَ فِيهِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ امْرَأَتَانِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا جَاءَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ سَاقِطٌ» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلَفْظُهُ «مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إلَى إحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ» . وَالنَّسَائِيُّ وَلَفْظُهُ «مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ يَمِيلُ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَدُ شِقَّيْهِ مَائِلٌ» . وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِنَحْوِ رِوَايَةِ النَّسَائِيّ هَذِهِ إلَّا أَنَّهُمَا قَالَا «جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شِقَّيْهِ سَاقِطٌ»
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ رُوِيَ مُرْسَلًا وَهُوَ أَصَحُّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ يَعْنِي الْقَلْبَ» .
وَرَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute