وَأَبَاحَهُ) أَيْ الْغِنَاءَ (الْإِمَامُ) الْمُتْقِنُ وَالْهُمَامُ الْمُتَفَنِّنُ، أَوْحَدُ الْمُجْتَهِدِينَ وَقُدْوَةُ الْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ، حَامِلُ لِوَاءِ الْمَذْهَبِ وَمُقَرِّبُ الْمَأْرَبِ الْإِمَامُ أَبُو يَعْلَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَّاءِ الْقَاضِي السَّعِيدُ، عَلَّامَةُ زَمَانِهِ، وَفَرِيدُ عَصْرِهِ وَأَوَانِهِ، وَنَسِيجُ وَحْدِهِ، وَوَحِيدُ دَهْرِهِ، صَاحِبُ الْمَعَالِي وَالْمَفَاخِرِ ذُو الْقَدَمِ الرَّاسِخِ، وَالْبَحْرِ الزَّاخِرِ، وَأَصْحَابُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَهُ يَتْبَعُونَ وَلِتَصَانِيفِهِ يُدَرِّسُونَ، وَبِأَقْوَالِهِ يَقْتَدُونَ، وَكَانَتْ دَوْلَتُهُ مَبْسُوطَةً، وَأَحْوَالُهُ مَضْبُوطَةً، وَعُلَمَاءُ الْمَذَاهِبِ يَجْتَمِعُونَ إلَيْهِ، وَيُعَوِّلُونَ فِي جَمِيعِ شُؤُونِهِمْ عَلَيْهِ، وَلِمَقَالَتِهِ يَسْتَمِعُونَ، وَبِحُسْنِ عِبَارَتِهِ يَنْتَفِعُونَ، وَقَدْ عُلِمَ لَهُ مِنْ الْحَالِ، مَا يُغْنِي عَنْ الْمَقَالِ، وَلَا سِيَّمَا مَذْهَبُ إمَامِنَا الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَاخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَمَا صَحَّ لَدَيْهِ مِنْهُ، مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِالْقُرْآنِ وَعُلُومِهِ، وَالْحَدِيثِ وَمَنْطُوقِهِ وَمَفْهُومِهِ، وَتَحَلِّيهِ بِالْوَرَعِ وَالصِّيَانَةِ، وَالتَّعَفُّفِ وَالدِّيَانَةِ، وَالزُّهْدِ وَالْقَنَاعَةِ وَالتَّذَلُّلِ وَالضَّرَاعَةِ. صَحِبَ ابْنَ حَامِدٍ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ ابْنُ حَامِدٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ وَبَرَعَ فِي ذَلِكَ. وُلِدَ الْقَاضِي السَّعِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ أَوْ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ تَاسِعَةَ عَشَرَ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ وَلَدُهُ أَبُو الْقَاسِمِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ بِجَامِعِ الْمَنْصُورِ. وَدُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَمِنْ أَصْحَابِهِ أَبُو الْخَطَّابِ الْكَلْوَذَانِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ. وَوَلَدُ صَاحِبِ التَّرْجَمَةِ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَجُمُوعٌ.
فَأَبَاحَ الْقَاضِي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْغِنَاءَ وَاسْتِمَاعَهُ (مَعَ الْكُرْهِ) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ (فَانْشُدْ) لِلْغِنَاءِ وَلَا تَقُلْ هُوَ حَرَامٌ عَلَى رَأْيِ هَذَا الْإِمَامِ بَلْ غَايَةُ أَمْرِهِ أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ وَالْمُنْتَهَى وَالْغَايَةِ وَغَيْرِهَا: وَيُكْرَهُ الْغِنَاءُ وَاسْتِمَاعُهُ بِلَا آلَةِ لَهْوٍ وَيَحْرُمُ مَعَهَا قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَيُكْرَهُ سَمَاعُ الْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ بِلَا آلَةِ لَهْوٍ، وَيَحْرُمُ مَعَهَا، وَقِيلَ وَبِدُونِهَا مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ. وَقِيلَ يُبَاحُ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مُنْكَرٌ آخَرُ وَإِنْ دَاوَمَهُ أَوْ اتَّخَذَهُ صِنَاعَةً يَقْصِدُ لَهُ، أَوْ اتَّخَذَ غُلَامًا أَوْ جَارِيَةً مُغَنِّيَيْنِ يَجْمَعُ عَلَيْهِمَا النَّاسَ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ.
فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute