وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ قِرَاءَةَ الْأَلْحَانِ وَقَالَ بِدْعَةٌ لَا يُسْمَعُ كُلُّ شَيْءٍ مُحْدَثٍ لَا يُعْجِبُنِي إلَّا أَنْ يَكُونَ طَبْعَ الرَّجُلِ كَأَبِي مُوسَى.
وَنَقَلَ عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَوْ يُحْسِنُهُ بِلَا تَكَلُّفٍ (وَفَصَّلَ قَوْمٌ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ يَعْنِي قِرَاءَةَ الْأَلْحَانِ (تَفْصِيلَ) شَخْصٍ (مُرْشَدِ) اسْمُ مَفْعُولٍ أَيْ مُوَفَّقٍ لِلرُّشْدِ وَالتَّسْدِيدِ، أَوْ اسْمُ فَاعِلٍ أَيْ مُرْشِدٍ لِغَيْرِهِ فَقَالُوا:
إذَا حَرَكَاتُ اللَّفْظِ بُدِّلْنَ أَحْرُفًا ... بِإِشْبَاعِهِ حَرِّمْ لِذَاكَ وَشَدِّدْ
(إذَا حَرَكَاتُ اللَّفْظِ) فِي الْقِرَاءَةِ (بُدِّلْنَ أَحْرُفًا) بِأَنْ تَوَلَّدَ مِنْ الْفَتْحَةِ أَلِفًا وَمِنْ الضَّمَّةِ وَاوًا وَمِنْ الْكَسْرَةِ يَاءً (بِ) سَبَبِ (إشْبَاعِهِ) أَيْ إشْبَاعِ اللَّفْظِ الْقَارِئِ (حَرِّمْ) أَيْ اعْتَقِدْ حُرْمَتَهُ (لِ) أَجْلِ (ذَاكَ) أَيْ إبْدَالِ الْحَرَكَاتِ حُرُوفًا (وَشَدِّدْ) فِي النَّهْيِ عَنْهُ وَالتَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ أَحْرُفٍ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: قَالَ جَمَاعَةٌ: إنْ غَيَّرْت يَعْنِي قِرَاءَةَ الْأَلْحَانِ النَّظْمَ حَرُمَتْ فِي الْأَصَحِّ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ فِي الْكَرَاهَةِ. وَفِي الْوَسِيلَةِ يَحْرُمُ نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ، وَقِيلَ لَا وَلَمْ يُفَرِّقْ.
قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ قِرَاءَةَ الْأَلْحَانِ وَقَالَ هِيَ بِدْعَةٌ، فَإِنْ حَصَلَ مَعَهَا تَغْيِيرُ نَظْمِ الْقُرْآنِ وَجَعْلُ الْحَرَكَاتِ حُرُوفًا حَرُمَ.
وَقَالَ الشَّيْخُ: التَّلْحِينُ الَّذِي يُشْبِهُ الْغِنَاءَ مَكْرُوهٌ وَلَا يُكْرَهُ التَّرْجِيعُ وَتَحْسِينُ الْقِرَاءَةِ. قَالَ فِي الشَّرْحِ: بَلْ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ كَأَذَنِهِ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَيَأْتِي فِي آدَابِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا فَلَا بَأْسَ قَدْ تَلَا ... الرَّسُولُ بِتَرْجِيعٍ وَصَوْتٍ لَهُ نَدِي
(فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا) أَيْ تَغْيِيرُ نَظْمِ الْقُرْآنِ وَجَعْلُ الْحَرَكَاتِ حُرُوفًا بِأَنْ خَلَا عَنْ ذَلِكَ (فَلَا بَأْسَ) أَيْ لَا حَرَجَ وَلَا حُرْمَةَ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْإِقْنَاعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ النَّاظِمِ لَا كَرَاهَةَ خِلَافًا لِلْقَاضِي، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ (قَدْ تَلَا الرَّسُولُ) الْأَمْجَدُ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute