للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَمَنْ يُفَاخِرُنَا فِي ذَاكَ نَعْرِفُهُ ... فَيَرْجِعُ الْقَوْمُ وَالْأَخْبَارُ تُسْتَمَعُ

إنَّا أَبَيْنَا وَلَمْ يَأْبَى لَنَا أَحَدٌ ... إنَّا كَذَلِكَ عِنْدَ الْفَخْرِ نَرْتَفِعُ

وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ:

مِنَّا الْمُلُوكُ وَفِينَا تُنْصَبُ الْبِيَعُ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ غَائِبًا، فَبَعَثَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ حَسَّانُ: جَاءَنِي رَسُولُهُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ إنَّمَا دَعَانِي لِأُجِيبَ شَاعِرَ بَنِي تَمِيمٍ، فَخَرَجْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا أَقُولُ:

مَنَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ إذْ حَلَّ وَسْطَنَا ... عَلَى أَنْفِ رَاضٍ مِنْ مَعَدٍّ وَرَاغِمِ

مَنَعْنَاهُ لَمَّا حَلَّ بَيْنَ بُيُوتِنَا ... بِأَسْيَافِنَا مِنْ كُلِّ بَاغٍ وَظَالِمِ

بِبَيْتِ حَرِيدٍ عِزُّهُ وَثَرَاؤُهُ ... بِجَابِيَةِ الْجَوْلَانِ وَسَطَ الْأَعَاجِمِ

هَلْ الْمَجْدُ إلَّا السُّؤْدُدُ الْعُودُ وَالنَّدَى ... وَجَاهُ الْمُلُوكِ وَاحْتِمَالُ الْعَظَائِمِ

قَالَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ شِعْرِهِ الزِّبْرِقَانُ. وَفِي سِيرَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَسَّانُ: فَلَمَّا انْتَهَيْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَامَ شَاعِرُ الْقَوْمِ فَقَالَ مَا قَالَ: عَرَضْت فِي قَوْلِهِ، وَقُلْت عَلَى نَحْوِ مَا قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ الزِّبْرِقَانُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: قُمْ يَا حَسَّانُ فَأَجِبْ الرَّجُلَ فَقَالَ حَسَّانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:

إنَّ الذَّوَائِبَ مِنْ فِهْرٍ وَإِخْوَتَهُمْ ... قَدْ بَيَّنُوا سُنَّةً لِلنَّاسِ تُتَّبَعُ

يَرْضَى بِهِمْ كُلُّ مَنْ كَانَتْ سَرِيرَتُهُ ... تَقْوَى الْإِلَهِ وَكُلُّ الْخَيْرِ يُصْطَنَعُ

قَوْمٌ إذَا حَارَبُوا ضَرُّوا عَدُوَّهُمْ ... أَوْ حَاوَلُوا النَّفْعَ فِي أَشْيَاعِهِمْ نَفَعُوا

سَجِيَّةٌ تِلْكَ فِيهِمْ غَيْرُ مُحْدَثَةٍ ... إنَّ الْخَلَائِقَ فَاعْلَمْ شَرُّهَا الْبِدَعُ

إنْ كَانَ فِي النَّاسِ سَبَّاقُونَ بَعْدَهُمْ ... فَكُلُّ سَبْقٍ لِأَدْنَى سَبْقِهِمْ تَبَعُ

لَا يَرْفَعُ النَّاسُ مَا أَوْهَتْ أَكُفُّهُمْ ... عِنْدَ الدِّفَاعِ وَلَا يُوهُونَ مَا رَقَعُوا

إنْ سَابَقُوا النَّاسَ يَوْمًا فَازَ سَبْقُهُمْ ... أَوْ وَازَنُوا أَهْلَ مَجْدٍ بِالنَّدَى مَنَعُوا

أَعِفَّةٌ ذُكِرَتْ فِي الْوَحْيِ عِفَّتُهُمْ ... لَا يَطْمَعُونَ وَلَا يُرْدِيهِمْ طَمَعُ

لَا يَبْخَلُونَ عَلَى جَارٍ بِفَضْلِهِمْ ... وَلَا يَمَسُّهُمْ مِنْ مَطْمَعٍ طَبْعُ

إذَا نَصَبْنَا لِحَيٍّ لَمْ نَدِبَّ لَهُمْ ... كَمَا يَدِبُّ إلَى الْوَحْشِيَّةِ الذَّرَعُ

وَنَسْمُو إذَا الْحَرْبُ نَالَتْنَا مَخَالِبُهَا ... إذَا الزَّعَانِفُ مِنْ أَظْفَارِهَا خَشَعُوا

لَا يَفْخَرُونَ إذَا نَالُوا عَدُوَّهُمُو ... وَإِنْ أُصِيبُوا فَلَا خَوْرٌ وَلَا هَلَعُ

كَأَنَّهُمْ فِي الْوَغَى وَالْمَوْتُ مُكْتَنَعُ ... أُسْدٌ بِحَلْبَةٍ فِي أَرْسَاغِهَا فَدَعُ

خُذْ مِنْهُمُو مَا أَتَوْا عَفْوًا إذَا غَضِبُوا ... وَلَا يَكُنْ هَمُّك الْأَمْرَ الَّذِي مَنَعُوا

فَإِنَّ فِي حَرْبِهِمْ فَاتْرُكْ عَدَاوَتَهُمْ ... شَرًّا يُخَاضُ عَلَيْهِ السُّمُّ وَالسَّلَعُ

أَكْرِمْ بِقَوْمٍ رَسُولُ اللَّهِ شِيعَتُهُمْ ... إذَا تَفَاوَتَتْ الْأَهْوَاءُ وَالشِّيَعُ

أَهْدَى لَهُمْ مِدْحَتِي قَلْبٌ يُوَازِرُهُ ... فِيمَا أُحِبُّ لِسَانٌ حَائِكٌ صَنِعُ

فَإِنَّهُمْ أَفْضَلُ الْأَحْيَاءِ كُلِّهِمُو ... إنْ جَدَّ بِالنَّاسِ جِدُّ الْقَوْلِ أَوْ سَمِعُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>