للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَحْشِ. وَمِنْهُ مَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجَتِهِ وَمَا يُبْغِضُ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ، وَيُحَبِّبُ بَيْنَ اثْنَيْنِ.

قَالَ وَيَكْفُرُ بِتَعْلِيمِهِ وَفِعْلِهِ، سَوَاءٌ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ أَوْ إبَاحَتَهُ، كَاَلَّذِي يَرْكَبُ الْجَمَادَ مِنْ مِكْنَسَةٍ وَغَيْرِهَا فَتَسِيرُ بِهِ فِي الْهَوَاءِ، وَيَدَّعِي أَنَّ الْكَوَاكِبَ تُخَاطِبُهُ، وَيُقْتَلُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَكَذَا مَنْ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُقْتَلُ سَاحِرٌ ذِمِّيٌّ إلَّا أَنْ يَقْتُلَ بِهِ، وَيَكُونَ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا فَيُقْتَصُّ مِنْهُ.

فَأَمَّا الَّذِي يَسْحَرُ بِأَدْوِيَةٍ وَتَدْخِينٍ وَسَقْيِ شَيْءٍ يَضُرُّ فَإِنَّهُ لَا يَكْفُرُ وَلَا يُقْتَلُ وَيُعَزَّرُ تَعْزِيرًا بَلِيغًا دُونَ الْقَتْلِ، إلَّا أَنْ يَقْتُلَ بِفِعْلِهِ غَالِبًا فَيُقْتَصَّ مِنْهُ وَإِلَّا يَكُنْ فِعْلُهُ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا فَالدِّيَةُ. وَأَمَّا الَّذِي يَعْزِمُ عَلَى الْجِنِّ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ يَجْمَعُهَا فَتُطِيعُهُ فَلَا يَكْفُرُ وَلَا يُقْتَلُ وَيُعَزَّرُ تَعْزِيرًا بَلِيغًا دُونَ الْقَتْلِ، وَكَذَا الْكَاهِنُ وَالْعَرَّافُ. وَإِطْلَاقُ الشَّارِعِ كُفْرَ مَنْ أَتَاهُمَا تَشْدِيدٌ.

قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: وَالْكَاهِنُ الَّذِي لَهُ رَوِيٌّ مِنْ الْجِنِّ يَأْتِيهِ بِالْأَخْبَارِ، وَالْعَرَّافُ الَّذِي يَحْدُسُ وَيَتَخَرَّصُ كَالْمُنَجِّمِ. وَلَوْ أَوْهَمَ قَوْمًا بِطَرِيقَتِهِ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغَيْبَ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُ لِسَعْيِهِ بِالْفَسَادِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: التَّنْجِيمُ كَالِاسْتِدْلَالِ بِالْأَحْوَالِ الْفَلَكِيَّةِ عَلَى الْحَوَادِثِ الْأَرْضِيَّةِ مِنْ السِّحْرِ. قَالَ: وَيَحْرُمُ إجْمَاعًا. وَالْمُشَعْبِذُ وَالْقَائِلُ بِزَجْرِ الطَّيْرِ، وَالضَّارِبُ بِحَصًى وَشَعِيرٍ وَقِدَاحٍ.

زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: وَالنَّظَرُ فِي أَلْوَاحِ الْأَكْتَافِ إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ إبَاحَتَهُ وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِهِ الْغَيْبَ عُزِّرَ وَيَكُفُّ عَنْهُ وَإِلَّا كَفَرَ وَحَرُمَ طَلْسَمٌ بِغَيْرِ الْعَرَبِيِّ كَاسْمِ كَوْكَبٍ، وَمَا وُضِعَ عَلَى نَجْمٍ مِنْ صُورَةٍ أَوْ غَيْرِهَا. وَلَا بَأْسَ بِحَلِّ السِّحْرِ بِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالْأَقْسَامِ وَالْكَلَامِ الْمُبَاحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) : الَّذِي يَحْرُمُ مِنْ عِلْمِ النُّجُومِ مَا ذَكَرْنَا مِمَّا يَدَّعِيهِ أَهْلُهَا مِنْ مَعْرِفَةِ الْحَوَادِثِ الْآتِيَةِ فِي الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ، كَمَجِيءِ الْمَطَرِ، وَوُقُوعِ الثَّلْجِ، وَهُبُوبِ الرِّيحِ، وَتَغَيُّرِ الْأَسْعَارِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يُدْرِكُونَ ذَلِكَ بِسَيْرِ الْكَوَاكِبِ وَاقْتِرَانِهَا وَافْتِرَاقِهَا وَظُهُورِهَا فِي بَعْضِ الْأَزْمَانِ، وَهَذَا شَيْءٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيْرَهُ. وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي (مِفْتَاحِ دَارِ السَّعَادَةِ) بِمَا يَطُولُ ذِكْرُهُ. فَأَمَّا مَا يُدْرَكُ مِنْ طَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ مِنْ عِلْمِ النُّجُومِ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ الزَّوَالُ وَجِهَةُ الْقِبْلَةِ وَكَمْ مَضَى وَكَمْ بَقِيَ فَإِنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي النَّهْيِ، بَلْ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>