جَمَاعَةٍ) مِنْ جَمِيعِهِمْ؛ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْكِفَايَةِ أَيْ يُخَاطِبُ بِهِ الْجَمِيعَ لَا كُلَّ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ وَيُجْزِئُ مِنْ وَاحِدٍ.
وَظَاهِرُهُ وَيَحْصُلُ لَهُمْ أَصْلُ السَّنَةِ بِتَسْلِيمِ مَنْ يُجْزِئُ سَلَامُهُ، وَالْأَفْضَلُ السَّلَامُ مِنْ جَمِيعِهِمْ، وَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَالسَّلَامُ فِي حَقِّهِ سُنَّةُ عَيْنٍ.
وَظَاهِرُ إطْلَاقِ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ إجْزَاءُ ابْتِدَاءِ السَّلَامِ مِنْ الْمُمَيِّزِ وَيَتَوَجَّهُ، وَكَذَا مِنْ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ الرَّدُّ عَلَى سَلَامِهِمَا وَلَا يَلْزَمُهُمَا رَدٌّ إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِمَا (وَ) وَيُجْزِئُ عَنْ الْجَمَاعَةِ (رَدُّ فَتًى) وَاحِدٍ بَالِغٍ (مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْجَمَاعَةِ الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِمْ دُونَ رَدِّ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِمْ، وَيَكُونُ فَوْرًا بِحَيْثُ يُعَدُّ جَوَابًا لِلسَّلَامِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ رَدًّا كَمَا فِي الْإِقْنَاعِ: قَالَ الْمَجْدُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْفَرْضِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ قَرِيبًا، وَانْظُرْ هَلْ يَشْمَلُ تَعْلِيلُهُ كُلَّ مَنْ لَا يُسَنُّ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ عَلَيْهِ كَالْآكِلِ، وَالْمُتَوَضِّئِ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالظَّاهِرُ إجْزَاءُ رَدِّهِمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ؛ لِأَنَّ رَدَّ السَّلَامِ كَمَا عَلِمْت فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَشَأْنُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ أَنْ يُخَاطَبَ بِهِ الْجَمْعُ، وَيَسْقُطَ بِمَنْ يَقُومُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِتْيَانُ بِهِ وَقَدْ حَصَلَ.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يُجْزِئُ عَنْ الْجَمَاعَةِ إذَا مَرُّوا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ، وَيُجْزِئُ عَنْ الْجُلُوسِ أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمْ» نَعَمْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الرَّادُّ مُكَلَّفًا حَتَّى يُجْزِئَ عَنْ الْبَاقِينَ.
فَلَوْ رَدَّ كَافِرٌ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا إنْ كَانَ فِيهِمْ صَبِيٌّ فَرَدَّ وَحْدَهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُمْ الْفَرْضُ.
قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: إنْ سَلَّمَ بَالِغٌ عَلَى بَالِغٍ وَصَبِيٍّ رَدَّهُ الْبَالِغُ، وَلَمْ يَكْفِ رَدُّ الصَّبِيِّ. انْتَهَى.
وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَالِغٌ وَصَبِيٌّ فَسَلَّمَ الصَّبِيُّ عَلَى بَالِغٍ وَصَبِيٍّ أَجْزَأَ رَدُّ الصَّبِيِّ، وَلَعَلَّهُ لَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ الرَّدُّ عَلَى تَسْلِيمِ الصَّبِيِّ فِي الْأَصَحِّ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الرَّدَّ لَا يَسْقُطُ بِالصَّبِيِّ فَتَأَمَّلْ.
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَالسَّلَامُ عَلَى الصَّبِيِّ لَا يَسْتَحِقُّ جَوَابًا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْخِطَابِ وَالْأَمْرِ بِهِ فَإِنْ سَلَّمَ صَبِيٌّ عَلَى بَالِغِينَ فَوَجْهَانِ فِي وُجُوبِ الرَّدِّ مُخْرَجَانِ مِنْ صِحَّةِ سَلَامِهِ. انْتَهَى.
وَالْمَذْهَبُ الْوُجُوبُ.
قَالَ فِي الْغَايَةِ: وَلَا بَأْسَ بِهِ يَعْنِي السَّلَامَ عَلَى الصِّبْيَانِ تَأْدِيبًا لَهُمْ وَلَا يَلْزَمُهُمْ رَدٌّ، وَيَلْزَمُ رَدٌّ عَلَيْهِمْ كَشَابَّةٍ أَجْنَبِيَّةٍ سَلَّمَتْ وَإِرْسَالُهَا بِهِ لِأَجْنَبِيٍّ وَإِرْسَالُهُ إلَيْهَا لَا بَأْسَ بِهِ لِمَصْلَحَةٍ وَعَدَمِ